وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن الزهري ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده ، قال : سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم قوما يتدارءون ، فقال «إنما هلك من كان قبلكم بهذا ، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، وإنما أنزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا ، فلا تكذبوا بعضه ببعض ، فما علمتم منه فقولوا ، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه» وتقدم رواية ابن مردويه لهذا الحديث من طريق هشام بن عمار ، عن ابن أبي حازم ، عن أبيه ، عن عمرو بن شعيب به.
وقد قال أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا أنس بن عياض ، عن أبي حازم ، عن أبي سلمة ، قال : لا أعلمه إلا عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال «نزل القرآن على سبعة أحرف ، والمراء في القرآن كفر ـ قالها ثلاثا ـ ما عرفتم منه فاعملوا به ، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه جل جلاله» وهذا إسناد صحيح ، ولكن فيه علة بسبب قول الراوي «لا أعلمه إلا عن أبي هريرة».
وقال ابن المنذر في تفسيره : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني نافع بن يزيد ، قال : يقال : الراسخون في العلم المتواضعون لله ، المتذللون لله في مرضاته ، لا يتعاظمون على من فوقهم ولا يحقرون من دونهم.
ثم قال تعالى مخبرا أنهم دعوا ربهم قائلين (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) ، أي لا تملها عن الهدى بعد إذ أقمتها عليه ولا تجعلنا كالذين في قلوبهم زيغ ، الذين يتبعون ما تشابه من القرآن ، ولكن ثبتنا على صراطك المستقيم ، ودينك القويم ، (وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ) أي من عندك (رَحْمَةً) تثبت بها قلوبنا وتجمع بها شملنا ، وتزيدنا بها إيمانا وإيقانا ، (إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ).
قال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ، وقال ابن جرير (٢) : حدثنا أبو كريب ، قالا جميعا : حدثنا وكيع عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقول «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» ثم قرأ (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) ، ورواه ابن مردويه من طريق محمد بن بكار ، عن عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن أم سلمة ، وهي أسماء بنت يزيد بن السكن ، سمعها تحدث : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كان يكثر من دعائه «اللهم مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك» قالت : قلت : يا رسول الله ، وإن القلب ليتقلب؟ قال : «نعم ، ما خلق الله من بني آدم من بشر إلا قلبه بين إصبعين من أصابع الله عزوجل ، فإن شاء أقامه ،
__________________
(١) المسند ج ٢ ص ١٨٥.
(٢) تفسير الطبري ٣ / ١٨٧.