لتشرب ، فأبى أن يدعه الأعرابي ، فأخذ خشبة ، فضرب بها رأس الأنصاري فشجّه ، فأتى الأنصاري عبد الله بن أبيّ بن سلول رأس المنافقين ، فأخبره ـ وكان من أصحابه ـ فغضب عبد الله بن أبيّ ثم قال : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله ـ يعني الأعراب ـ ثم قال لأصحابه : إذا رجعتم إلى المدينة ، فليخرج الأعز منها الأذل. قال زيد بن الأرقم ـ وأنا ردف عمي ـ : فسمعت عبد الله ، فأخبرت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فانطلق ، وكذبني ، فجاء إليّ عمي ، فقال : ما أردت أن مقتك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكذّبك المسلمون ، فوقع عليّ من الغمّ ما لم يقع على أحد قط ، فبينما أنا أسير مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ أتاني فعرك أذني ، وضحك في وجهي ، فما كان يسرنى أن لي بها الدنيا ، فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم سورة المنافقون : (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) حتى بلغ : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) حتى بلغ : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ).
قال أهل التفسير «غزا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بني المصطلق ، فنزل على ماء من مياههم يقال له المريسيع فوردت واردة الناس ، ومع عمر بن الخطاب أجير من بني غفار يقال له جهجاه بن سعيد يقود فرسه ، فازدحم جهجاه ، وسنان الجهني ـ حليف بني العوف من الخزرج ـ على الماء ، فاقتتلا ، فصرخ الجهني : يا معشر الأنصار ، وصرخ الغفاري : يا معشر المهاجرين ، فلما أن جاء عبد الله بن أبي بن سلول قال ابنه : وراءك! قال : مالك ويلك! قال : لا والله لا تدخلها أبدا ـ يعني المدينة ـ الّا باذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولتعلم اليوم من الأعز من الأذل.
فشكا عبد الله إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما صنع ابنه ، فأرسل إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ارتحل عنه حتى يدخل قال أمّا إذ جاء أمر النبي فنعم ، فدخل ، فلما نزلت هذه وبان كذبه قيل له : يا أبا حبّاب ، إنه قد نزل فيك أي