الفصل الأول
التعريف بسبب النزول القرآني
كان أمين الأرض المصطفى (صلوات الله عليه) يتلقى القرآن من أمين السماء ، جبريل (عليهالسلام) بتلهف ، وشغف كبيرين ، وكان يتعجّل به ، فنزل قوله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) (القيامة : ١٦) وكان الصحابة (رضوان الله عليهم) يتلقون القرآن من نبيهم بشغف وتلهف كبيرين أيضا ، وكان التلقّي النبوي ، والصحابي للقرآن حفظا ، وتلاوة ، وتدبرا ، وعملا لأحكامه ، وفرائضه.
روي عن أبي عبد الرحمن السلمي ، أنه قال : «حدثنا الذين كانوا يقرءوننا القرآن ، كعثمان بن عفان ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلىاللهعليهوسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم ، والعمل. قالوا : فتعلمنا القرآن ، والعلم ، والعمل جميعا» (١).
وقد جاء النزول القرآني بعقيدة جديدة هي عقيدة التوحيد ، ودين جديد هو دين الإسلام ، وأحكام ، وفرائض ، وتشريعات ، هي من نوع جديد لم يألفه العرب في حياتهم ، مما فتح الأذهان ، وهيأ النفوس ، وحفز الأفراد إلى ترديد التساؤلات ، والتوجه بالاستفسارات ، وأقبل الجميع على النبي صلىاللهعليهوسلم يستوضحون ، ويتثبّتون.
وكان أهل البيت والصحابة ، والأنصار ، والمهاجرون ، وأهل الأمصار ، وأهل البداوة يسألون. وكان الكفار من أهل الكتب السماوية
__________________
(١) متفق عليه.