الفصل الثالث
فوائد معرفة أسباب النزول القرآني
مقدمة :
قال الإمام الشباطبي : «إن معرفة أسباب النزول لازمة لمن أراد علم القرآن ، والدليل على ذلك أمران : الأول ـ إن علم المعاني ، والبيان الذي يعرف به إعجاز نظم القرآن فضلا عن معرفة مقاصد العرب إنما حواره على معرفة مقتضيات الأحوال : حال الخطاب من جهة نفس الخطاب ، أو المخاطب ، أو المخاطب به ، أو الجميع ، إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حالّيه ، وبحسب المخاطبين ، وبحسب غير ذلك ، كالاستفهام ، لفظه واحد ، ويدخله معان أخرى من : تقرير ، وتوبيخ ، وغير ذلك.
وكالأمر يدخله معنى الإباحة ، والتهديد ، والتعجيز ، وأشباهها ، ولا يدل على معناها المراد إلا الأمور الخارجية ، أو عمدتها مقتضيات الأحوال ، وليس كل حال ينقل ، ولا كل قرينة تقترن بنفس الكلام المنقول ، فإذا فات نقل بعض القرائن الدالة فات فهم الكلام جملة ، أو فهم شيء منه ، ومعرفة الأسباب رافعة لكل مشكل في هذا النمط ، فهي من المهمات في فهم الكلام بلا بد ، ومعنى معرفة السبب ، هو معنى معرفة مقتضى الحال ، وينشأ عن هذا الوجه :
الوجه الثاني ـ وهو أن الجهل بأسباب التنزيل موقع ، الشبه ، والإشكالات ، ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال حتى يقع الاختلاف ، وذلك مظنة وقوع النزاع.
ويوضح هذا المعنى ما روى أبو عبيد عن إبراهيم التميمي قال :
«خلا عمر ذات يوم فجعل يحدث نفسه : كيف تختلف هذه الأمة ، ونبيها