قلت : لا يلزم ذلك ، لانه إذا حصل له الجزم باللزوم أو الفردية ، يحصل له الجرم بالحكم الشرعي ، ومخالفة الحكم المقطوع به غير معقول ، فتأمل.
إذا عرفت هذا : فالاولى والاحوط للمقلد المتمكن من فهم العبارات : أن لا يعتمد على فتوى القسم الثاني من الفقهاء إلا بعد العرض على الأحاديث ، بل لو عكس أيضا كان أحوط (١).
حكم جماعة من متأخري أصحابنا ، ببطلان صلاة من لم يكن مجتهدا ولا مقلدا لمن يجوز تقليده ، وكذا غير الصلاة من العبادات (٣) ، ولا أرى لاطلاق ذلك وجها ، بل لا يصح ذلك الحكم في صور :
الاولى : من احتاط في العبادة ، بحيث تحصل الصحة على كل تقدير ، فحينئذ لا وجه للقول ببطلان تلك العبادة ، كمن صام وكف عن جميع ما يحتمل أن يكون مبطلا ، ويتأتى ذلك في الصلاة أيضا ، كالاتيان بجميع ما يحتمل أن يكون تركه مبطلا ، وترك جميع ما يحتمل أن يكون فعله مبطلا ، بحيث يحصل له القطع بصحة صلاته على كل تقدير.
فإن قلت : هذا لا يتأتى في الصلاة ، لان الافعال المحتملة للوجوب والندب ـ كالسورة ، والتسليم ، ونحوهما ـ إن وقعت على وجه الوجوب ، أبطلت الصلاة على تقدير ندبيتها ، وكذا العكس.
__________________
١ ـ في الكافي ( ١ / ٥٣ ح ٣ ) في باب التقليد : في الصحيح « عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) في قول الله عزوجل : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ) فقال : والله ، ما صاموا لهم ، ولا صلوا لهم ، ولكن أحلوا لهم حراما ، وحرموا عليهم حلالا ، فاتبعوهم ». ( منه ).
٢ ـ في ط : تذنيب.
٣ ـ المقاصد العلية : ٣٢ ، روض الجنان : ٢٤٨.