بيان الملازمة : أن هذه الملكة أمر
موهبي من الله تعالى ، لا يمكن اكتسابه ، وإن أمكن تقويته في الجملة بالكسب ، فإنا
نرى جماعة لا يمكنهم تحصيل مسائل لها عراقة في النظرية في الجملة ، وإن صرفوا
أعمارهم في تحصيلها ، بل نشاهد جماعة لا يمكنهم إلا تحصيل قليل من النظريات بعد
الكد التام والسعي البليغ ، فعلم أن هذه الملكة مما لا تحقق لها في أكثر الناس ، فلم
يكن الاجتهاد واجبا عليهم ، وإلا لزم التكليف بما لا يطاق.
وأما بطلان التالي : فلانهم بين قائل
بوجوبه العيني ، كما نقله الشهيد في الذكرى عن قدماء أصحابنا وفقهاء حلب ، وبين قائل بوجوبه الكفائي ، ومن خواص
الواجب الكفائي إثم الكل بتركه.
لا يقال : الاجتهاد ليس واجبا كفائيا
بالنسبة إلى المكلفين ، بل بالنسبة إلى صاحبي الملكة ، فعلى تقدير انتفائه لا يلزم
إلا إثم صاحبي الملكة المذكورة.
لانا نقول : شرط التكليف إعلام المكلف ،
وقبل الاجتهاد لا
يتميز صاحب الملكة عن غيره ، فلا يعلم أحد أنه مكلف بالاجتهاد ، لعدم علمه بأنه صاحب الملكة.
وأيضا : يلزم تأثيم ( غير المعين ) وإنه
غير معقول ، كما صرحوا به في تحقيق الواجب الكفائي.
وأيضا : هذا الجواب خلاف ما صرحوا به من
تأثيم الكل بترك الاجتهاد.
والجواب الحق عن كلا البحثين : أنا ما
أدعينا اعتبار الملكة المذكورة في مطلق المجتهد بل اعتبرناها في المجتهد المطلق ،
لما عرفت أن العلم بمعاني الادلة
__________________