(إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) (٧)
أي من البعث والحساب والمجازاة. وهذا جواب القسم و «ما» هاهنا بمعنى الذي مفصولة من «إنّ» ، ولا يجوز أن تكون هاهنا فاصلة و «لا» زائدة ألا ترى أن في خبرها اللام المؤكدة لخبر إنّ وحذفت الهاء لطول الاسم ، والتقدير أن الذي توعدونه لواقع من الحساب والثواب والعقاب.
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) (٨)
رفعت النجوم بإضمار فعل مثل هذا ؛ لأن إذا هاهنا بمنزلة حروف المجازاة فإن قال قائل : قد قال سيبويه (١) في قول الله جلّ وعزّ (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)] الروم : ٣٦] «إذا» جواب بمنزلة الفاء ، وإنما صارت جوابا بمنزلة الفاء لأنها لا يبتدأ بها كما لا يبتدأ بالفاء. فقد ابتدئ بها هاهنا ، وأنت تقول : إذا قمت قمت مبتدأ. قال أبو جعفر : فلم أعلم أحدا غلط سيبويه في هذا ، والحجة له أنّ «إذا» كانت للمفاجأة لم يبتدأ بها نحو قوله : (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) وإذا كانت بمعنى المجازاة ابتدئ بها ولكن قد عوض سيبويه بأن الفاء تدخل عليها فكيف تكون عوضا منها؟ فالجواب أنها إنما تدخل توكيدا ، وجواب (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) وقيل الفاء محذوفة ، وقيل الجواب محذوف.
(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) (١١)
وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) (٢) بهمزة وتشديد القاف ، وقرأ عيسى بن عمر النحوي وخالد بن إلياس (أُقِّتَتْ) بهمزة وتخفيف القاف ، وقرأ أبو عمرو «وقّتت» بواو وتشديد القاف ، وقرأ الحسن وأبو جعفر «وقتت» بواو وتخفيف القاف. قال أبو جعفر : الأصل فيها الواو لأنه مشتق من الوقت قال جلّ وعزّ : (كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)] النساء : ١٠٣] فهذا من وقتت مخففة إلّا أن الواو تستثقل فيها الضمة فتبدل فيها همزة ، وقد ذكر سيبويه اللغتين وقّتت وأقّتت فلم يقدّم إحداهما على الأخرى فإذا كانتا فصيحتين فالأولى اتباع السواد.
(لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ) (١٣)
(لِيَوْمِ الْفَصْلِ) قيل : حذف الفعل الذي تتعلق به اللام والتمام لأي يوم أجّلت ثم أضمر فعل أجلت ليوم الفصل ، وقيل : ليوم الفصل بدل وأعدت اللام مثل (لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) وقيل : اللام بمعنى إلى.
__________________
(١) انظر القراءات المختلفة في تيسير الداني ١٧٧ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٩٦ ، ومعاني الفراء ٣ / ٢٢٢.
(٢) انظر البحر المحيط : ٨ / ٣٩٧.