(٩٨)
شرح إعراب سورة لم يكن (البيّنة)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (١)
(يَكُنِ) في موضع جزم بلم ، وعلامة الجزم فيه حذف الضمة من النون وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. فإن قيل : قد تحرّكت النون فلم لأردت الواو؟ فالجواب أنها حركة عارضة ، غير ثابتة فكأنها لم يكن ولا تعرّج على قول من قال : حذفت الواو والضمة للجزم ، ولا يجوز عند الخليل وسيبويه والكسائي والفراء. حذف النون على لغة من قال : لم يك زيد جالسا ؛ لأنها قد تحرّكت وأجاز غيرهم حذفها كما قال :] الطويل]
٥٨١ ـ ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل (١)
(وَالْمُشْرِكِينَ) عطف على أهل ، ولو كان عطفا على الذين لكان مرفوعا (مُنْفَكِّينَ) خبر يكن في معناه قولان : قال عطاء : منفكين بارحين ، وبرح وزال في منهاج واحد. وقال غيره : «منفكّين» متفرّقين. قال أبو جعفر : معنى القول الأول : لم يكن الكفار زائلين عما هم عليه حتى يجيئهم الرسول فيبيّن لهم ضلالتهم ، ومعنى القول الثاني : لم يكن الكفار متفرّقين إلا من بعد أن جاءهم الرسول ؛ لأنهم فارقوا ما عندهم من صفة النبي صلىاللهعليهوسلم فكفروا بعد البيان. وهذا القول في العربية أولى ؛ لأن منفكّين لو كان بمعنى زائلين لاحتاج إلى خبر ولكن يكون من انفكّ الشيء من الشيء أي فارقه ، كما قال ذو الرمّة :] الطويل]
٥٨٢ ـ قلائص ما تنفكّ إلّا مناخة |
|
على الخسف أو يرمي بها بلدا قفرا (٢) |
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٥٥).
(٢) الشاهد لذي الرمة في ديوانه ١٧٣ ، والكتاب ٣ / ٥٢ ، وتخليص الشواهد ٢٧٠ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٤٧ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢١٩ ، ولسان العرب (فكك) ، والمحتسب ١ / ٣٢٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٠ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٤٢ ، والأشباه والنظائر ٥ / ١٧٣ ، والجنى الداني ٥٢١ ، وشرح الأشموني ١ / ١٢١ ، ومغني اللبيب ١ / ٧٣ وهمع الهوامع ١ / ٢٣٠.