(١٠٠)
شرح إعراب سورة العاديات
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٥)
(وَالْعادِياتِ) خفض بواو القسم. وللعلماء في معناها قولان : روى مجاهد وعكرمة عن ابن عباس أنها الخيل ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إنها الإبل وكذا قال ابن مسعود ، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس سألني رجل عن (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (١) فقلت : هي الخيل ، فمضى إلى علي بن أبي طالب فأخبره فبعث لي فأحضرني فقال لي : أتتكلّم في كتاب الله بغير علم؟ والله إن أول غزوة كانت لبدر ، وما كان معنا إلّا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود إنّما العاديات من عرفة إلى المزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منّى. ونظير هذا ما حدّثناه البهلول بن إسحاق بن البهلول بن حسان ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا كثير بن عبد الله المزنيّ قال : كنت عند محمد بن كعب القرظيّ فجاءه رجل فقال : يا أبا حمزة إني رجل صرورة لم أحجج قطّ فعلّمني مما علّمك الله سبحانه. قال : أتقرأ القرآن؟ قال : نعم. قال : فاستفتح فاقرأ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) خمس آيات (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٥) أتدري ما هذا؟ قال : لا. قال : «والعاديات ضبحا» الرفع من عرفة (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) (٢) إلى المزدلفة (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) (٣) لا تغير حتى تصبح (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (٥) يوم منى. قال أبو جعفر : اختلف العلماء في معنى (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) فمذهب علي بن أبي طالب وابن مسعود أنها الإبل ، وروى مجاهد وعكرمة عن ابن عباس قال : الناس يورون النار ليراها غيرهم ، وروى غيرهما عن ابن عباس الخيل ، وقال قتادة : الخيل تشعل الحرب ، وقال عكرمة : الموريات الألسن. قال أبو جعفر : ولا دليل يدلّ على تخصيص شيء من هذه الأقوال فالصواب أن يقال ذلك لكل من أورى على أن المعنى واحد إذا كان التقدير : وربّ العاديات ونصبت (ضَبْحاً) لأنه مصدر في موضع الحال. وعن ابن عباس الضّبح نفخها