(١٠٩)
شرح إعراب سورة الكافرين
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (١)
(قُلْ) في موضع جزم عند الفراء على حذف اللام ، وسمعت علي بن سليمان يقول : لو كان كما قال لكان بالتاء. وهو عند البصريين غير معرب (يا أَيُّهَا) «يا» حرف نداء وضممت أيا لأنه منادى مفرد قد مرت العلة فيه (الْكافِرُونَ) نعت لأي أو عطف البيان. قال محمد بن يزيد : ليس في هذا تكرير وإنما جهل من قال : إنه مكرّر اللغة ، والمعنى (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (١)
(لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٥)
(لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) (٢) في هذا الوقت ، وكذا (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٣) انقضى هذا ، ثم قال (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) (٤) فيما استقبل (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٥) مثله ، وكان في هذا دلالة على نبوته صلىاللهعليهوسلم لأن كل من خاطبه بهذا المخاطبة ثم لم يسلم منهم أحد ، وكذا الذين خاطبهم بقولهم (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)] البقرة : ٦] . (أَنْتُمْ عابِدُونَ) مبتدأ وخبر ، وكذا (أَنا عابِدٌ) على حذف الواو ، ومعناها ولم تنصب «لا» كما تنصب «ما» لأن «ما» أدخل في شبه ليس فنصبت كما نصبت ليس.
(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (٦)
(لَكُمْ دِينُكُمْ) مبتدأ ، وكذا (وَلِيَ دِينِ) (١) وحذفت الياء من ديني لأنه رأس آية فحسن الحذف لتتفق الآيات ، ومن فتح الياء في قوله «ولي» قال : هي اسم فكرهت أن أخلّ به ، ومن أسكنها قال : قد اعتمدت على ما قبلها في موضع نصب.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٨ / ٥٢٣ (قرأ سلام «ديني» بالياء وصلا ووقفا ، وحذفها القرّاء السبعة).