الشيعة طبقات.
قال : وقد خرج على يديه تواقيع كثيرةٌ ..
فلمّا مات أبو جعفر صارت النيابة إلى حسين هذا ، فجلس في الدار ، وحفَّ به الشيعة ، فخرج ذكاء الخادم ومعه عكّازة ومُدَرَّج وحُقّة ، وقال له : إنّ مولانا قال : إذا دفنني أبو القاسـم حسين وجلس ، فسلِّمْ هذا إليه. وإذا في الحُقّ خواتيم الأئمّة.
ثمّ قام ومعه طائفة ، فدخل دار أبي جعفر محمّـد بن علي الشلمغاني ، وكثرت غاشيتُه ، حتّى كان الأُمراء والوزراء يركبون إليه والأعيان.
وتواصَفَ الناس عَقْلَه وفهْمَه ؛ فروى علي بن محمّـد الأيادي ، عن أبـيه ، قال : شاهدتُـه يومـاً وقـد دخـل عليـه أبـو عمر القاضـي ، فقال له أبـو القاسم : صواب الرأي عند المشـفق عبرةٌ عند المتورّط. فلا يفعل القاضـي ما عزم عليه.
فرأيت أبا عمر قد نظر إليه ، ثمّ قال : من أين لك هذا؟!
فقال : إن كنتُ قلت لك ما عرفتَه ، فمسألتي من أين لك فضولٌ ، وإن كنت لم تعرفه ، فقد ظفرت بي.
قال : فقبض أبو عمر على يديه ، وقال : لا ، بل والله أُوخّرك ليومي أو لغدي.
فلمّا خرج قال أبو القاسم : ما رأيت محجوجاً قطّ يلقي البرهان بنفاق مثل هذا .. كاشفته بما لم أُكاشف به غيره.
ولم يزل أبو القاسم وافر الحُرْمة إلى أن وُزّر حامد بن العبّـاس ، فجرت له معه خطوب يطول شرحها.