وسيلة ، لتحقيق التوازن في مجتمعاتها من خلال توازن القوى وتكافؤ الفرص ، وتساوي المواقع.
ولكن دلالة الآية على ذلك قد تكون بالإيحاء لا بالمدلول اللفظي للكلمة ، فالظاهر أنها جارية في أجواء الدفع القتالي في حركة القوّة ، لأنها أكّدت على منع تهديم المعابد التي هي مظهر حيويّ من مظاهر الحرية الإنسانية على مستوى الالتزام بالإيمان بالله على طريقة خاصّة ، وهي حرية ذات تأثير على وجود الإنسان ذاتا وحركة في الحياة ، فمسألة الحرية لا تقع على الهامش بالنسبة لتشكيل الذات ، بل تقع في الصميم ، لأن من لا حرّية له ، لا إنسانية له ، ذلك أن الضغط على الحرية يمثل إلغاء للإنسانية ، لا سيما إذا كان ضغطا يطال حريته في الإيمان بالله ، وهو إيمان يضع الإنسان على الخط المستقيم الذي يعبّر عن سرّ الوجود وفكرته وحركته ، وطبيعة العلاقة بالله وبالإنسان والحياة ، ممّا يوحي بأنّ الدفاع عن الإيمان أمر حيويّ بالنسبة إلى وجود الإنسان ، في سبيل القضايا الكبيرة في حياته ، مما يجعل دفاعه دفاعا عن القاعدة الروحية الثابتة في شخصيته ، باعتبار أنّ إيمانه بالله هو مرجع سلوكه الفردي والاجتماعي النابع من داخله ، المتحرك في حركته في الحياة مع الآخرين .. وهكذا كان دفع الناس بعضهم ببعض تأكيدا على حريتهم في العبادة في مواجهة التحديات ، ليكون المسجد والصومعة والبيعة ، الساحة التي يلتقي فيها الجميع ليعبدوا الله ، وليكتشفوا في داخلهم سرّ العبودية لله الواحد ، وليتمردوا ـ من خلال هذا الوعي ـ على كل مظاهر تأليه الإنسان ، فتكون الحياة كلها لله ، من خلال كون الدين كله له.
ولعل التعبير بالدفع الذي يعني حركة التحدي بطريقة دفاعية أو وقائية ، يوحي بالمعنى الإنساني الذي يبتعد عن العدوان في خط الهجوم ويتحرك في خط حماية الحياة والحرية في دائرة ردّ العدوان ..