غير ظلمة الجهل والضلالة بدون الارتشاف من فيض كرمه وهدايته.
وقد ذكر صاحب تفسير الكشاف أن المراد من نور السموات والأرض الحق ، شبهه بالنور في ظهوره وبيانه ، كقوله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [البقرة : ٢٥٧] أي : من الباطل إلى الحق. وأضاف النور إلى السماوات والأرض لأحد معنيين : إما للدلالة على سعة إشراقه وفشوّ إضاءته حتى تضيء له السموات والأرض ، وإما أن يراد أهل السموات والأرض ، وأنهم يستضيئون به (١).
وذكر بعضهم أن المراد بنور الله عظمته في قدرته وعلمه وحكمته ، وتتجلى هذه العظمة في خلق الكون ، فكل شيء في أرضه وسمائه يدل دلالة صريحة واضحة على وجود الله وعظمته ، وبهذا يتبين معنا أنه لا فرق بين أن نقول : السموات والأرض نور الله ، وبين أن نقول : الله نور السموات والأرض ، لأن معنى الجملة الأولى أن عظمة الكون تدل على عظمة الله ، ومعنى الثانية ، أن عظمة الله تتجلى في عظمة الكون (٢).
* * *
معنى النور في الآية
ولكن ، قد نحتاج إلى استشعار الجانب الفني في التعبير من الناحية البلاغية ، لأن ذلك يوحي إلينا بالفكرة التي تتحرك في الكلمة ، وفي ضوء ذلك نطرح سؤالا : ما المعنى الذي تختزنه كلمة «النور» في حركتها بعلاقة الله بالسماوات والأرض ، وما هي القضية التي يريد الله أن يوجّهنا إليها؟
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ٣ ، ص : ٦٧.
(٢) تفسير الكاشف ،) ج : ٥ ، ص : ٤٢٤ ، ٤٢٥.