ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما ، قال : الوجه والكفان والقدمان (١) .. وقد يظهر من بعض الروايات عنه ، في قول الله عزوجل : (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) قال : الزينة الظاهرة : الكحل والخاتم (٢) ، وفي بعضها الخاتم والفتخة ، وهي القلب .. مما يوحي بالمعنى المتقدم وهو إرادة الزينة نفسها في موقعها لا موقعها فحسب.
وقد جاء في بعض التفاسير أن المراد بقوله : (ما ظَهَرَ مِنْها) أي : ما كان ظاهرا لا يمكن إخفاؤه ، أو ظهر بدون قصد الإظهار من هذه الزينة. وهذه الجملة تدل على أن النساء لا يجوز لهن أن يتعمّدن إظهار هذه الزينة ، غير أن ما يظهر منها بدون قصد منهن ، كأن يخف الرداء لهبوب الريح وتتكشف بعض الزينة مثلا ، أو كان ظاهرا بنفسه لا يمكن إخفاؤه كالرداء الذي تجلل به النساء ملابسهن ، لأنه لا يمكن إخفاؤه ، وهو مما يستجلب النظر لكونه على بدن المرأة على كل حال ؛ فلا مؤاخذة عليه من الله تعالى ، وهذا هو المعنى الذي بيّنه عبد الله بن مسعود ، والحسن البصري ، وابن سيرين ، وإبراهيم النخعي لهذه الآية. ويتابع هذا المفسر القول : وعلى العكس من ذلك قول غيرهم من المفسّرين : إن معنى (ما ظَهَرَ مِنْها) ما يظهره الإنسان على العادة الجارية ، ثم هم يدخلون فيه وجه المرأة وكفّيها بكل ما عليها من زينة ، أي أنه يصحّ عندهم أن تزين المرأة وجهها بالكحل والمسحق والصبغ ، ويديها بالحنّاء والخاتم والحلق والأسورة ثم تمشي في الناس كاشفة وجهها وكفيها .. وهذا المعنى للآية مرويّ عن عبد الله بن عباس وتلامذته ، وإليه ذهبت طائفة كبيرة من فقهاء الحنفية ..
ويعلّق هذا المفسر على ذلك فيقول : أمّا نحن ، فنكاد نعجز عن أن نفهم
__________________
(١) الكافي ، ج : ٥ ، ص : ٥٢١ ، رواية : ٢.
(٢) (م. ن) ، ج : ٥ ، ص : ٥٢١ ، رواية : ٣.