بشكل طبيعيّ في الحياة العامة والخاصة ، ولو كان ذلك محرّما بشكل بارز ، لكانت المسألة من المسائل الملحّة في المجتمع الإسلامي التي يكثر السؤال عنها من ناحية التكليف الشرعي ، مع أننا لم نجد لذلك أيّ أثر كبير في الفقه الإسلامي في صدر الإسلام وفيما بعده.
* * *
حرمة إبداء الزينة للنساء
(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) ذكر بعضهم أن المقصود بالزينة ـ هنا ـ مواضع الزينة ، لأن نفس ما يتزين به كالقرط والسوار لا يحرم إبداؤه ، وبذلك يكون النهي عن إظهار الزينة من باب الكناية عن إظهار مواضعها ، لأن ستر الزينة لا ينفك عن ستر مواضعها .. وقد ذكر صاحب الكشاف في تقريب ذلك قال : «وذكر الزينة دون مواقعها ، للمبالغة في الأمر بالتصوّن والتستر ، لأن هذه الزينة واقعة على مواضع من الجسد لا يحلّ النظر إليها لغير هؤلاء ، وهي الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر والأذن ، فنهى عن إبداء الزينة نفسها ، ليعلم أنّ النظر إذا لم يحلّ إليها لملابستها تلك المواقع ، بدليل أنّ النظر إليها غير ملابسة لها ، لا مقال في حله ، كان النظر إلى المواقع أنفسها متمكنا في الحظر ، ثابت القدم في الحرمة ، شاهدا على أن النساء حقهن أن يحتطن في سترها ، ويتّقين في الكشف عنها» ... ويتابع ويقول : «فإن قلت : ما المراد بموقع الزينة ، ذلك العضو كله ، أم المقلد الذي تلابسه الزينة منه؟ قلت : الصحيح أنه العضو كله كما فسرت مواقع الزينة الخفية ، وكذلك مواقع الزينة الظاهرة : الوجه موقع الكحل في عينيه ، والخضاب بالوسمة في حاجبيه وشاربيه ، والغمرة في خديه ، والكف والقدم موقعا الخاتم ، والفتخة والخضاب