خلاف في مدلول الآية
وهناك خلاف آخر في مدلول الآية ، وهو في ظهورها في إطلاق المتعلّق ، حيث يحرم النظر إلى أجساد المؤمنات بشكل مطلق يشمل كل أجزاء الجسد ، لأن حذف المتعلق يفيد العموم ، لا سيّما إذا لاحظنا أن إرادة طبيعة المبدأ في نفسه لا تتفق مع ورود الفقرة في مقام الإفادة لحركة التكليف في أفعال المؤمنين ، إذ لا فائدة من الحديث عن وجوب الغض ، بعيدا عن الحديث عن المتعلق ..
وقد يرى هؤلاء أنّ توجه الأمر بالغضّ للمؤمنين هنا ، وللمؤمنات هناك ، يجعل الدلالة واضحة بأن على المؤمنين أن يغضوا أبصارهم عن المؤمنات ، وعلى المؤمنات أن يغضضن أبصارهن عن المؤمنين ، فيكون المتعلق مذكورا من خلال المقابلة ، بحيث يفيد العموم في الطرفين.
ولكن هناك وجهة نظر أخرى ، وهي أن من الممكن أن تكون الآية واردة في تقرير المبدأ كمدخل للحديث عن التشريع ، على أن يأتي الحديث عن التفاصيل في مواقع أخرى من الكتاب ، باستيحاء ذلك من حرمة إبداء الزينة مثلا ، باعتبار أن ما حرم على المرأة إبداؤه ، يحرم على الرجال النظر إليه ، أو من خلال ظهور ذلك في كونه من حرمات المرأة التي لا يجوز التعدي عليها من قبل الرجال ، أو من السنّة من خلال ما فصله النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من المواضع التي يحرم النظر إليها من جسد المرأة ، أو من جسد الرجل ، ولعل هذا ما أشار إليه بعض المفسرين في قولهم بظهورها في وجوب الغض عما يحرم والاقتصار بالنظر على ما يحلّ (١) ، وذلك بلحاظ استفادة ذلك من الأدلة
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج : ٣ ، ص : ٦٠.