فرغب أناس من مهاجري المسلمين في ما يكتسبن للذي هم فيه من الجهد ، فأشار بعضهم على بعض : لو تزوّجنا بعض هؤلاء الزواني فنصيب من فضول أطعامهنّ ، فقال بعضهم : نستأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأتوه فقالوا : يا رسول الله ، قد شقّ علينا الجهد ، ولا نجد ما نأكل ، وفي السوق بغايا نساء أهل الكتاب وولائدهنّ وولائد الأنصار يكتسبن لأنفسهن ، فيصلح لنا أن نتزوج منهنّ فنصيب من فضول ما يكتسبن ، فإذا وجدنا عنهن غنى تركناهنّ؟ فأنزل الله : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ) فحرّم على المؤمنين أن يتزوجوا الزواني المسافحات العالنات زناهنّ (١).
وجاء في الكافي ، في أحاديث أهل البيت عليهمالسلام عن زرارة قال : سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن قول الله عزوجل : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) قال : هن نساء مشهورات بالزنى ورجال مشهورون بالزنى ، شهروا وعرفوا به ، والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن أقيم عليه حدّ الزنى أو متّهم بالزنى لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة (٢).
وقد جاء في حديث آخر عن حكم بن حكيم عن أبي عبد الله في الآية قال : إنما ذلك في الجهر ، ثم قال : لو أن إنسانا زنى ثم تاب تزوّج حيث شاء (٣).
وقد نلاحظ في هذه الأحاديث أنها أكدت على النهي الموجّه إلى المؤمنين ، في دعوتهم إلى الامتناع عن نكاح أهل الزنى من المشهورين والمشهورات به .. ولم تتعرض لتفسير صدر الآية ، كما نلاحظ في الرواية
__________________
(١) الدر المنثور ، ج : ٦ ، ص : ١٢٧.
(٢) الكافي ، ج : ٥ ، ص : ٣٥٤ ، رواية : ١.
(٣) (م. ن) ، ج : ٥ ، ص : ٣٥٥ ، رواية : ٦ ، وقد أورد صاحب الميزان في «تفسيره» هذه الروايات ، فلتراجع في مظانّها.