ثالثها : إن الآية واردة في مجال التشريع الذي يريد تأكيد النهي من خلال الجملة الخبرية ، التي قد تقوم مقام الطلب للفعل في مجال الوجوب ، أو الطلب للترك في مجال التحريم ، وذلك على ضوء الأحاديث الواردة في السنّة الشريفة.
وخلاصة المعنى على هذا الرأي ، «أن الزاني إذا اشتهر منه الزنى وأقيم عليه الحد ، ولم تتبيّن منه التوبة ، يحرم عليه نكاح غير الزانية والمشركة ، والزانية إذا اشتهر منها الزنى وأقيم عليها الحد ، ولم تتبيّن منها التوبة ، يحرم أن ينكحها إلّا زان أو مشرك».
ويتابع القائل بهذا القول إكمال الفكرة فيقول ـ كما جاء في تفسير الميزان ـ : «فالآية محكمة باقية على إحكامها من غير نسخ ولا تأويل ، وتقييدها بإقامة الحدّ وتبيّن التوبة ، مما يمكن أن يستفاد من السياق ، فإن وقوع الحكم بتحريم النكاح بعد الأمر بإقامة الحدّ ، يلوّح إلى أن المراد به الزاني والزانية المجلودان ، وكذا إطلاق الزاني والزانية على من ابتلي بذلك ، ثم تاب توبة نصوحا وتبيّن منه ذلك ، بعيد من دأب القرآن وأدبه ..» (١).
وقد اعتمد صاحب هذا الرأي على الأحاديث الواردة في أسباب النزول ، المؤكّدة على الجانب التشريعي في الآية ، فقد أورد عن الدر المنثور : «أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : لما قدم المهاجرون المدينة قدموها وهم بجهد إلا قليل منهم ، والمدينة غالية السعر شديدة الجهد ، وفي السوق زوان متعالنات من أهل الكتاب ، وأمّا الأنصار منهن أمية وليدة عبد الله بن أبيّ ، ونسيكة بنت أميّة لرجل من الأنصار في بغايا من ولائد الأنصار قد رفعت كل امرأة منهنّ علامة على بابها ليعرف أنها زانية ، وكنّ من أخصب أهل المدينة وأكثره خيرا.
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٥ ، ص : ٨١.