في أن العلاقات بين الناس ، لا سيما الزوجية منها ، تقوم على التماثل في الأخلاق والأعمال ، لأن المشكلة تنتج الألفة ، وهي تنتج العلاقة كما قال الشاعر : «كل شكل لشكله ألف ...» ، فيكون المعنى أن الزاني الذي لا يراعي قواعد العفّة والطهارة في حياته على مستوى العلاقات ، ولا يؤمن بالضوابط الإيمانية التي تقضي بالامتناع عن ممارسة الجنس غير المشروع ، لا يميل إلى المرأة المؤمنة العفيفة الطاهرة التي تتبنى الإيمان قاعدة لسلوكها بما يستلزمه من عفّة ، لأنها ترفض كل سلوك الزاني ، بل يميل إلى المرأة الزانية التي تتفق معه على قيم الانحراف والحرية في ممارسة الجنس غير المشروع ، بعيدا عن القواعد الشرعية ، أو إلى المرأة المشركة التي لا تنطلق من قاعدة الإيمان التي ترفض الزنى كله ، ولذلك فإن المسألة لا تثير لديها تجاه سلوكه أيّ موقف سلبيّ من ناحية المبدأ ، مما يجعل الانسجام قائما بين الزاني والزانية على أساس قوي .. وهكذا الزانية بالنسبة إلى الزاني أو المشرك ، لأن لديهما خطا وجوّا نفسيا وموقفا واحدا.
وبذلك تكون الآية في صدد الحديث عن التناسب الطبيعي الذي يقود إلى التوافق العملي ، كظاهرة موجودة لدى الأعم الأغلب من الناس ، كما قيل في تفسير قوله تعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ) [النور : ٢٦].
ثانيها : إن الآية واردة في مجال التأكيد على أن شأن الزاني وطبيعة موقعه المنخفض أخلاقيا وروحيا ، أن لا يتزوج إلا الزانية أو المشركة ، لأنها هي التي تليق بانحطاط مستواه ، من خلال انحطاط مستواها ، بسبب ما تمارسه من الزنى ، أو ما تعتقده من شرك بالله ، لأن المرأة المؤمنة لا يمكن أن تنحدر إلى موقعه المنحطّ .. وكذا حال الزانية بالنسبة إلى الزاني والمشرك ، فتكون الآية ، في صدد الإيحاء بما يمثله الزنى من حالة انحطاط روحيّ وأخلاقي ، يمنع صاحبه من إقامة علاقة بين الزاني وبين الناس المؤمنين الطاهرين ، لأنه لن يصل إلى مستواهم الإنساني الرفيع.