الحكم بالجلد في الزاني والزانية دون تقييد.
وقد ثبت في علم الأصول ، أن القرآن يمكن أن يرفع اليد عن بعض ظواهره ، بالسنة القطعية أو بما كان حجّة شرعية من الظنيات ..
وقد نقل عن بعض المسلمين من الخوارج وبعض المعتزلة مخالفتهم لهذا الحكم ، انطلاقا من مخالفة هذا الحكم ـ وهو الرجم ـ لإطلاق القرآن ، مما يفرض على المسلمين الملتزمين بالقرآن رفضه ، لأن ما خالف كتاب الله فهو باطل وزخرف.
ولكنّ هؤلاء لم ينتبهوا إلى أن تخصيص العام القرآني ، أو تقييد مطلقة ، لا يندرج في دائرة المخالفة ، بل يندرج في نطاق الشرح والتفسير الذي أوكل الله أمره إلى رسوله ، في ما تتضمنه سنّته الشريفة من تفصيل لما أجمله القرآن ، أو تحديد لما لم يحدد كل أطرافه .. وهذا ما لاحظناه في كل تفاصيل العبادات والمعاملات والعلاقات والحدود التي أطلقت الآيات القرآنية معناها ، لتقرر المسألة من ناحية المبدأ ، ليسأل المسلمون بعدها رسول الله حول التفاصيل. ولعل هؤلاء يعرفون أنّ عملية الجلد أو الرجم ، في دائرتهما الشرعية ، تحتاج إلى إثباتات وشروط معينة ، لا يتكفل القرآن بتحديدها ، بل يرجع فيها إلى السنّة الشريفة.
ولسنا هنا في صدد تحقيق الموضوع بطريقة فقهية شاملة ، لأن مجال ذلك في علم الفقه ، بل نحن هنا في صدد الإشارة إلى المسألة بالمقدار الذي يتصل بالتفسير من حيث المدلول اللفظي للآية ، ومن حيث التفسير التفصيلي للحدود التي يقف عندها الحكم الشرعي.
* * *