(فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُ) الذي يحقّ الحق بكلماته ويزهق الباطل. وإذا كان الله هو الحق ، فلا بد من أن يقيم الحياة على أساس الحق الذي ينطلق من خطة ، ويتحرك نحو هدف ، فكيف يمكن أن يكون خلق الإنسان بعيدا عن أهداف الآخرة في حسابها وثوابها وعقابها ، (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) الواحد في ملكه وفي تدبيره (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) ، في ما يمثله ذلك من معنى الحكمة والقوّة والعلوّ والرفعة المهيمنة على الكون كله ، وعلى الإنسان كله.
* * *
لا فلاح للكافرين
(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) وكيف يملك إنسان برهانا على الشرك ، والكون كله بجميع ظواهره وذرأته دليل على التوحيد ، وعلى بطلان الشرك كله؟! ولكن الغفلة قد تستولي على عقول بعض الناس فتبعدهم عن الارتباط بحقائق الألوهية ، وتقودهم إلى الكفر ، فمن يفعل ذلك (فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ولن يجد إلا النتائج المرعبة التي تقوده إلى الخسارة الدائمة.
(إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) الذين لا يملكون أرضا من العلم والبرهان يقفون عليها ، بل يعيشون الاهتزاز في الفراغ ، فلا يصيرون إلى استقرار حتى يلاقوا النار وبئس القرار. وهكذا تنتهي السورة بالإعلان عن عدم فلاح الكافرين ، مقابل ما ابتدأت به من حديث عن فلاح المؤمنين ، لأن الإيمان في كل مفرداته هو سرّ الريح وسرّ النجاح ، كما أن الكفر بكلّ ممارساته هو سرّ الخسارة وسرّ السقوط.
إن المسألة هي أن من التقى بالله في خط الإيمان والمعرفة والعمل فقد