مضمونا يبحث عن الله ليلتقي به ، ويعبده ، ويسير في الطريق الذي يوصل إلى رضوانه ، بحيث يشكل فرصة الإنسان في الحصول على الخير كله في الآخرة .. وهذا ما يجب أن تفهموه ، عند ما تواجهون مسألة الوقت باعتباره عنوان الوجود ، فهو ليس لحظات زمنية ضائعة في الفراغ ، تبحث عمّن يستهلكها ويعيدها إلى العدم ضمن منطق اللّامعنى واللّامسؤولية ، في ما يمثّله ذلك من معنى العبث ، بل هو الحياة النابضة بالحركة التي تبحث عن مضمون فكري وروحي تتجسد فيه ، لتحتفظ لنفسها بالخلود على أساس النتائج التي تعصر الزمن كله في حقيقة إنسانية تلتقي بالله من موقع التوحيد والعبادة والطاعة في الدنيا ، لتحصل على خلود الرضوان في الآخرة.
* * *
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً)؟!
(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) في إنكاركم للآخرة الذي يعني إنكاركم للمسؤولية عن الدنيا كلها ، ليكون الوجود مجرد حالة ضائعة في قبضة العدم ، بعيدة عن كل هدف ، بل هي في خيالكم تمثل اللّاهدف ، واللّامعنى ، تماما كمن يبني بيتا ثم يهدمه ، لتغيب كل ذرأت حجارته في الرمال ، لتعصف بها الرياح وتذروها في الفضاء. إن معنى ذلك أنكم تنسبون العبث إلى الله في خلقه عند ما تجرّدون الحياة من نتائجها السلبية أو الإيجابية في الاخرة ، عبر إنكاركم لليوم الآخر ، كما لو كانت الحياة خلقت للعبث ، (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) لنحاسبكم على أعمالكم في ما أسلفتموه منها من خير أو شر ، ليكون ذلك هو سرّ الأسرار للحياة الدنيا ..