الدهشة والحيرة والمفاجأة ، كما أوقع في قلوبهم الخوف والرعب ، من خلال الأهوال التي يشاهدونها في يوم القيامة.
(قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) لقد مرّت عليكم الحياة هناك ، واستسلمتم لكل أوضاعها وعشتم مع كل لهوها وعبثها ، فهل تحصون عددها؟ هل تحسّون بثقل الوقت الذي مرّ بكم ، كما تحسّون بثقل النتائج التي حصلتم عليها في ما قطعتموه من رحلة العمر في الدنيا ، (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) لقد عشنا العمر حلما سريعا ، لأننا كنّا مستغرقين في أجواء الغفلة فيه ، فلم نشعر بطوله أو بقصره ، إننا نتصوره تماما كما لو كان يوما واحدا أو بعض يوم ، ولكننا مع ذلك لا نستطيع التحديد الدقيق له (فَسْئَلِ الْعادِّينَ) ، الذين كانوا يحصون أعمارنا.
(قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) في حساب الخلود الذي ينتظركم بالعذاب في الآخرة ، فقد يكون تعداد سني عمركم كبيرا في الدنيا ، ولكنه لا يمثل شيئا في الآخرة ، (لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ، ولكنكم لم تعرفوا ذلك ، لأنكم لم تشاءوا معرفته عبر ما منحه الله لكم من نوافذ المعرفة ، ولو عرفتم قصر العمر في الدنيا ، وسرّ الخلود في الآخرة ، لعرفتم جيدا ولوعيتم أن الدنيا هي ساحة المسؤولية في حركة الإنسان ، في ما يقوم به من عمل ، وأنّ الآخرة هي ساحة الحصول على نتائج المسؤولية ، تماما كما هو الزرع والحصاد.
* * *
الوقت .. حياة نابضة بالتطلع إلى الله
وبذلك كانت قضية الوجود لا تمثل حركة في الفراغ ما بين عدمين ، بل كانت حركة يتحول فيها العدم إلى وجود حيّ تتحرك فيه الرسالة وتعطيه