الكافرون يطلبون فرصة جديدة
(أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) لتفتح قلوبكم على الله في عظمته وكبريائه وقوّته ورحمته ، ولتدعوكم إلى التفكير في ذلك كله ، ولإقامة الحوار حول كل ما يثيره دعاة الكفر والضلال من طروحات ومن شبهات للوصول إلى الحقيقة الثابتة في وحدانية الله في العقيدة والعبادة ، ولكنكم أعرضتم عن ذلك ، وتمرّدتم ، وتوجهتم إلى الطريق المنحرف ، وابتعدتم عن آيات الله (فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) دون أيّ عذر للجهل ، إن ادّعيتم الجهل ، ومن دون أيّة حجة على التكذيب ، إن ادعيتم علما بالأساس الذي يرتكز عليه ذلك.
(قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) ، فقد خضعنا لبعض التأثيرات التاريخية ، في ما ورثناه من آبائنا وأجدادنا ، أو لبعض المؤثرات الاجتماعية ، في ما اكتسبناه من البيئة التي تأثرنا بها ، في دوائها الصغيرة أو الكبيرة ، أو لبعض النوازع الذاتية التي استسلمنا ، من خلالها ، لشهواتنا وأطماعنا ، فمنعتنا عن السير في طريق الله ، (وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) ، لم نهتد إلى الطريق المستقيم ، لأن قلوبنا كانت في غفلة عن ذلك كله.
(رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها) وامنحنا تجربة جديدة للعودة إلى الدنيا لنعمل في الاتجاه السليم في خط الإيمان الذي يطلّ بنا على طاعتك ، ويبعدنا عن معصيتك ، وأعطنا فرصة حقيقيّة لتصحيح الخطأ ، ولتقويم الانحراف ، ولك علينا العهد المؤكد أن لا نعود إلى ما كنا عليه ، (فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) لأنفسنا ، مما يجعلنا نستحق كل عقوبة ، وكل مهانة وإذلال.
* * *