منكم لتوظيف الموقف لصالحكم ولإظهار أنفسكم كأصحاب حقّ ، فإن الله يعلم ما أنتم فيه ، ولا تفيدكم أمامه محاولة الظهور بغير مظهركم الحقيقي ، و (اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) فهو الحكم الفصل في الأمور كلها ، وسترون الجزاء الصعب الذي ستلقونه نتيجة ما كنتم تختلفون فيه وتخالفون الحق وأهله.
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ) محفوظ لا يتغير ولا يتبدل ولا يسقط منه شيء سهوا أو نسيانا ، لأن الله فوق السهو والنسيان ، وإذا فإن ما يقوم به الناس من أعمال تسيء إلى الله ورسله ورسالاته محفوظ عنده وسيحاسب مرتكبوها عليها ، (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) لأن من خلق المخلوقات ودبّرها يسهل عليه حفظ كل ما يتعلق بها من أعمال.
* * *
عبادة غير الله لا تستند إلى أساس
ويستمرّ الحديث في أجواء حركة الرسالة مع الذين تمرّدوا على الله ، ولم يذعنوا للحقائق ، وأصرّوا على جهلهم ، ولم ينطلقوا إلى مواقع العلم ليأخذوا بها ليهتدوا سواء السبيل ...
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) فهم لا يملكون أية حجّة من عقل أو وحي على ألوهية من يعبدونهم من دون الله ، فهؤلاء لا يتميزون عن غيرهم من الموجودات المماثلة لهم في عناصرها وأشكالها بأية صفة خاصة ، ولا علاقة لهم بالوجود في خلقه وحركته من قريب أو من بعيد ، فليس هناك أساس علمي أو منطقي تستند إليه فكرة عبادتهم ، وهم في عبادتهم تلك يلتزمون ما لا يملكون حجّة عليه ، (وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ) لأنهم لو رجعوا إلى عقولهم لما وجدوا فيها من الحقيقة ما يقودهم إلى الالتزام بهذه العبادة ، ولو