تجاههم واهتزاز إيمانهم بذلك.
وقد تكون المسألة متحركة في خطّ الإيحاء باستخدام أسلوب يوحي بغير ما يريده ، في محاولة لاحتواء الساحة ، بالموقف المهادن للمشركين والمجامل لعقيدتهم ، دون إعطاء أيّ اعتراف بعقيدتهم أو الانجذاب إليها ، وذلك عبر باب السكوت عنهم ، والاكتفاء بالإعلان عن وحدانية الله ، من ناحية إيجابية تعلن وتقرّ عبادته ، دون الانطلاق في الناحية السلبية التي ترفض عبادة غيره ، ليكون ذلك بمثابة الهدنة التي تخفّ فيها حدّة الصراع ، من أجل خلق جوّ ملائم للحوار معهم.
قد تكون هذه الأفكار وأمثالها هي التي كانت تخطر في ذهن النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في بعض الحالات الصعبة ، كما كانت تخطر في أذهان الأنبياء والرسل من قبله ، عند ما تشتد التحديات أمام الدعوة ، ويتعرض المؤمنون للزلزال النفسي تحت تأثير الضغوط الهائلة التي تضغط عليهم بقسوة.
ولكن هذه الأفكار لا تترك أثرا في الواقع ، ولا تنبع من موقع مستقر في عمق الذات ، بل هي خطرات تطوف بالذهن ، وتتحرك بسرعة في مظاهر السلوك ، فيتأثر بها المجتمع المؤمن بطريقة سلبيّة ، وينجذب إليها المجتمع الكفار بطريقة إيجابيّة ، ولكنها سرعان ما تزول أمام الحاجة إلى الموقف الحاسم الذي يفصل بين الإيمان والشرك بفاصل واضح ، لا مجال فيه لأيّة مهادنة أو لقاء ، لأن المسألة تتصل بالأسس لا بالتفاصيل. ولعل هذا ما نستوحيه من قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً* وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً* إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً) [الإسراء : ٧٣ ـ ٧٥].
إن هذه الآيات وأمثالها توحي بأن هناك شيئا ما يخطر بالبال ، ولكنه لا