الله آياته بإنجاح سعي الرسول أو النبي وإظهار الحق والله عليم حكيم» (١) ..
وقد نلاحظ على هذا التفسير أنه حاول أن ينظر إلى مسألة إلقاء الشيطان في الأمنية النبوية من خلال النظرة إلى الواقع الخارجي لحركة الأمنية في ساحة الصراع بين خط الله وبين خط الشيطان ، مما يجعل الآية تطال أجواء إغراء الشيطان للآخرين لجهة إبطال الأمنية في الواقع ، ولم يحاول أن ينظر إليها من الداخل ، في ما تختزنه كلمة (أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) من معنى إدخال شيء فيها بحيث تكون ظرفا له وموقعا من مواقعه ، لا حركة خارجية من الآخرين في مواجهتها ، ليكون النسخ ـ من خلال ذلك ـ نسخا في حركة الواقع ، لا نسخا في طبيعة الأمنية.
* * *
الآية وخطرات النفس النبويّة
إن هذا المعنى الذي ذكره صحيح في الاعتبار ، ولكنه لا ينسجم مع ظهور الآية في كلماتها ، كما نفهمه ، لأنها ظاهرة في وجود شيء ما من الشيطان يلقيه في الأمنيّة ، وليس من الضروري أن يتجسد هذا الشيء فعليا في ما يصدر عنه من قول أو فعل ، أو أن يكون منافيا للمبادئ التي يبشر بها ، بل قد يكون انفتاحا عليهم بأن يشعرهم أنه يقبل إليهم ويستمع لهم دون أن يرفض ما يقولونه أو يترك ما آمن به ، بل يوحي لهم بأنه يفكّر بما يقولونه ، وذلك في سبيل الإيحاء لهم بأن موقفه قد أصبح أكثر مرونة ، دون أن يؤدي ذلك إلى اهتزاز الموقف في حركة الرسالة ، أو إضعاف المؤمنين ، بل قد تكون المرونة في الموقف لجهة علاقة النبي بالمشركين ، موجبا لتخفيف حالة التوتر النفسي
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٤ ، ص : ٣٩٣.