ذم المنافقين للنبي على أسلوب توزيعه للصدقات
وهذا نموذج آخر من نماذجهم ، وهو الذي يعتبر المنفعة الماليّة أساسا للرضا والسخط والمدح والذّم ، فليست القيمة عنده ، هي طبيعة الموقع الروحي والفكري والعملي للشخص أو للجهة ، بل القيمة ، كل القيمة ، هي للمال ، من خلال ما يعطيه الآخرون له ، أو ما يمنعونه عنه. وهذا هو ما عاشه بعض هؤلاء مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ) أي يعيبك ، فيتخذ لنفسه المبرّر في ذمّ النبي والتهجم عليه (فِي الصَّدَقاتِ) التي يوزعها على من حوله من الفقراء والمساكين ، أو من الذين تفرض المصلحة الإسلامية إعطاءهم ، (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا) وكالوا المدح للمعطي ، بعيدا عن استحقاقه الذاتي للمدح وعدم استحقاقه له ، (وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ) وينسبون للمانع كل صفات الذّم القبيحة التي لا يستحقها ، ولكن المشكلة كل المشكلة ، هي أنهم لم يحصلوا منه على شيء ، فكأن ذلك مبرّر لكل السخط والغضب في موقفهم من هذا الإنسان.
* * *
القناعة من الإيمان
(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) من مال يستحقونه من خلال موازين العطاء لدى الإسلام ، وقنعوا به ، وعرفوا أنه يمثل العدل كله في طريقة التوزيع ، (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ) في ما نأمل من