قتال أئمة الكفر
(وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ) أي نقضوا عهودهم ومواثيقهم التي ألزموا بها أنفسهم (وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ) وذلك بالتهجّم عليه بالسبّ والشتم والكلمات غير المسؤولة ، في ما يمثّله ذلك من انحراف عن خط الالتزام بالعهد القائم على احترام العقيدة الإسلامية ومراعاة مشاعر المسلمين.
وقد ينبغي لنا أن نفرّق ـ في هذا المجال بين الطعن في الدين الذي يمثل حالة عدوانيّة ، وبين النقد الموضوعي الذي يمثل حالة فكرية ، فإن الإسلام يشجب الأول ويعتبره مظهرا من مظاهر نقض العهد ولونا من ألوان العدوان ، بينما يرحب بالثاني ، ويدعو الآخرين إليه ، من خلال دعوته إلى حركة الحوار الإيجابي بين الفكر الإسلامي والفكر المضاد على أساس الأجواء الفكرية الهادئة.
(فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) وهم قادته الذين يقودون مسيرته في المجتمع ويعملون على تدعيم قواعده. وربّما كان في هذا التأكيد عليهم ، إشارة إلى أنهم هم المسؤولون عن كل هذا العدوان الذي يمارسه الناس العاديّون من المشركين ، (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) لأنهم لا يرتكزون على قاعدة إيمانيّة أو فكريّة لتمنعهم من النقض للعهد ، بل ينطلقون ـ في ذلك ـ من الظروف الطارئة الضاغطة ، مما يجعل للعوامل التي تخفّف من حالة الضغط ، أثرا كبيرا في تصرفاتهم السلبيّة المنحرفة. وقد نستوحي من ذلك أمرين :
الأول : أن مثل هؤلاء لا يبعثون على الثقة في ما يلتزمون به من عهود ومواثيق ، لأنهم يفقدون الأساس الداخلي الذي يدفعهم إلى الاستمرار في الالتزام.