سلامة الإسلام والمسلمين ، الأمر الذي يجعلهم في مواقع الفتنة بالذات ، من حيث يريدون تفاديها في ما يزعمون ، (أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) بسبب ما يمارسونه من الانحراف عن خطّ الإيمان في مواقع الجهاد ، وسيتحملون نتائج ذلك في الآخرة (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) فهي تحاصرهم من كل جانب ، فلا يهربون منها من جهة ، إلّا ليقعوا فيها من جهة أخرى ، وذلك من خلال إحاطة الكفر بجميع دوافعهم وأعمالهم ونتائجها في الوقوف ضد إرادة الله في الحياة من حولهم.
* * *
نوايا المنافقين تجاه النبي
(إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ) لأنهم لا يعيشون انفتاح الإيمان بالمحبة تجاه الرسول والمسلمين ، بل يعيشون العقدة المستحكمة التي تنفث الحقد في الداخل ، في ما يواجههم من الأزمة الذاتية التي يتحركون فيها بين واقع الكفر في الباطن ، ومظهر الإيمان في الظاهر ، فيعبرون عن ذلك بالمشاعر القلقة التي تظهر المحبة وتبطن العداوة ، فهم يتعقّدون من كل النجاحات التي يحصل عليها المسلمون في حربهم وسلمهم ، وفي حركة الإسلام المتقدمة في الحياة ، فيستاءون من ذلك (وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ) يفرحوا بها (يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ) وسيطرنا عليه وعلى نتائجه ، فلم نسمح له بأن يفسد ويضيع وينهار ، وهو وارد على سبيل الكناية التي توحي بالإمساك بالواقع المرتقب الذي يوحي بالقلق والحيرة ، فكأنهم أخذوا جانب الحذر وحفظوا خطّ الرجعة ، فتجنّبوا نتائج المصيبة (وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ) على ما استطاعوا أن يحفظوا أنفسهم منه مما أصاب النبي والمسلمين من جراحة أو خسارة أو قتل أو فشل. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإنهم يفرحون من باب الشماتة بالإسلام والمسلمين.