فبعثوا إلى رجل من
قافة بني مدلج ، فتبع الأثر حتى انتهى إلى الغار وعلى بابه شجرة ، فبال في أصلها
القائف ثم قال : ما جاز صاحبكم الذي تطلبون هذا المكان. قال : فعند ذلك حزن أبو
بكر ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تحزن إن الله معنا» ، قال : فمكث هو وأبو بكر في
الغار ثلاثة أيام يختلف إليهم بالطعام عامر بن فهيرة وعلي يجهزهم ، فاشتروا ثلاثة
أباعر من إبل البحرين واستأجر لهم دليلا ، فلما كان بعض الليل من الليلة التالية ،
أتاهم علي بالإبل والدليل ، فركب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم راحلته وركب أبو بكر أخرى ، فتوجهوا نحو المدينة وقد بعثت
قريش في طلبه ... وفي رواية ، وضربت العنكبوت على بابه ـ باب الغار ـ بعشاش بعضها
على بعض ، وطلبته قريش أشد الطلب حتى انتهت الى باب الغار ، فقال بعضهم : إن عليه
لعنكبوتا قبل ميلاد محمد .
* * *
كلمة الله العليا
وكلمة الكفر السفلى
وتأتي هذه الآية
لتثير أمامهم التفكير بالمعنى الإيماني العميق الذي يوحيه الإيمان بالله ، في ما
ينصر به رسله ، ويدعم به رسالاته ، فالله لا يحتاج إلى أيّ عبد من عباده في تحقيق
إرادته بالنصر ، لأنه وليّ القوّة في الحياة كلها ، فلا قوّة لأحد إلّا بإرادته ،
ولا سبب للقوّة إلّا منه. وقد يكون السبب متصلا بالنواميس الطبيعيّة التي أودعها
في الأشياء ، وقد يكون مرتبطا بالأوضاع غير المألوفة في حركة الأسباب. وبذلك ، فلا
مجال لأحد أن يتصوّر ، من موقع وعي الإيمان ، أن الناس إذا ابتعدوا عن نصرة النبي
، فإنه يفقد مبررات النصر ، ليبقى في جميع الظروف تحت رحمة الناس ، فيستطيعون من
خلال ذلك ممارسة كل ألوان الضغط المادي والمعنوي عليه في ما يريدون منه ، وما
__________________