عند ذلك إلا بالله. وكتبتما تحذراني ما حذرت به الأمم قبلنا. وقديما كان اختلاف الليل والنهار بآجال الناس ، يقربان كل بعيد ، ويبليان كل جديد ، ويأتيان بكل موعود ، حتى يصير الناس إلى منازلهم من الجنة أو النار. ثم توفّى كل نفس بما كسبت. إن الله سريع الحساب.
وكتبتما تزعمان أن أمر هذه الأمة يرجع في آخر زمانها ، أن يكون إخوان العلانية أعداء السريرة ، ولستم بذاك. وليس هذا ذلك الزمان ، ولكن زمان ذلك حين تظهر الرغبة والرهبة ، فتكون رغبة بعض الناس إلى إصلاح دينهم ، ورهبة بعض الناس إصلاح دنياهم!! وكتبتما تعوذانني بالله أن أنزل كتابكما مني سوى المنزل الذي نزل من قلوبكما. وإنما كتبتما نصيحة لي ، وقد صدقتكما فتعهداني منكما بكتاب ولا غنى بي عنكما».
عهد من عهود عمر رضي الله عنه : «بسم الله الرحمن الرحيم : من عبد الله ، عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس. سلام عليك.
أما بعد : فإن القضاء فريضة محكمة ، وسنة متبعة ، فافهم إذا أدلى إليك ، فإنه لا ينفع تكلّم بحق لا نفاذ له.
آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك ، حتى لا يطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك.
البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما ، أو حرم حلالا. ولا يمنعنّك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه عقلك ، وهديت لرشدك ، أن ترجع إلى الحق ، فإن الحق قديم ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل. الفهم ، الفهم ، فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة.
ثم اعرف الأشباه والأمثال ، وقس الأمور عند ذلك. واعمد إلى أشبهها بالحق لمن ادعى حقا غائبا ، أو بينة أمرا ينتهي إليه. فإن أحضر بينة أخذت له بحقه ، ولا استحللت عليه القضية فإنه أنفى للشك ، وأجلى للعمى. المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد أو مجربا عليه شهادة زور ، أو ظنينا في ولاء أو نسب. فإن الله تولى منكم السرائر ، ودرأ بالإيمان والبينات. وإياك والغلق والضجر والتأذي بالخصوم ، والتنكر عند الخصومات ، فإن الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ، ويحسن به الذخر. فمن صحت نيته وأقبل على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس. ومن تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه ، شانه الله ، فما ظنك بثواب الله عزوجل في عاجل رزقه ، وخزائن رحمته ، والسلام».
ومن كلام عثمان بن عفان رضي الله عنه ؛ خطبة له رضي الله عنه قال : «إن لكل شيء