وإن جار وبدّل ، فلا علم لي بالغيب. والخير أردت لكم ، ولكل امرئ ما اكتسب من الإثم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)» (١).
وفي حديث عبد الرحمن بن عوف ـ رحمة الله عليه ـ قال : دخلت على أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، في علته التي مات فيها ، فقلت : أراك بارئا يا خليفة رسول الله ، فقال : أما إني على ذلك لشديد الوجع ، وما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد عليّ من وجعي.
إني وليت أموركم خيركم في نفسي ، فكلكم ورم أنفه أن يكون له الأمر من دونه والله لتتخذن نضائد الديباج ، وستور الحرير. ولتألمنّ النوم على الصوف الأذربي ، كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان. والذي نفسي بيده لأن يقدّم أحدكم فتضرب رقبته في غير حد ، خير له من أن يخوض غمرات الدنيا.
يا هادي الطريق جرت إنما هو والله الفجر أو البحر.
قال : فقلت : خفّض عليك يا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإن هذا يهيضك إلى ما بك. فو الله ما زلت صالحا مصلحا ، لا تأسى على شيء فاتك من أمر الدنيا ؛ ولقد تخليت بالأمر وحدك ، فما رأيت إلا خيرا.
وله خطب ومقامات مشهورة اقتصرنا منها على ما نقلنا منها قصة السقيفة :
نسخة كتاب : كتب أبو عبيدة بن الجراح. ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ؛ سلام عليك فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد : فإنا عهدناك وأمر نفسك لك مهم ، فأصبحت وقد وليت أمر هذه الأمة ، أحمرها وأسودها. يجلس بين يديك الصديق والعدو ، والشريف والوضيع ، ولكل حصته من العدل. فانظر كيف أنت يا عمر عند ذلك ، فإنا نحذرك يوما تعنو فيه الوجوه ، وتحب فيه القلوب ، وإنا كنا نتحدث أن هذه الأمة ترجع في آخر زمانها أن يكون إخوان العلانية أعداء السريرة وإنا نعوذ بالله أن تنزل كتابنا سوى المنزل الذي نزل من قلوبنا. فإنا إنما كتبنا إليك نصيحة والسلام.
فكتب إليهما : «من عمر بن الخطاب إلى عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل. سلام عليكما ، فإني أحمد إليكما الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد : فقد جاءني كتابكما تزعمان أنه بلغكما أني وليت أمر هذه الأمة ، أحمرها وأسودها ، يجلس بين يدي الصديق والعدو ، والشريف والوضيع. وكتبتما أن انظر كيف أنت يا عمر عند ذلك وأنه لا حول ولا قوة لعمر
__________________
(١) آية (٢٢٧) سورة الشعراء.