وباب آخر من البديع ، يسمى «التذييل» ، وهو ضرب من «التأكيد» وهو ضد ما قدمنا ذكره من الإشارة كقول أبي داود :
إذا ما عقدنا له ذمّة |
|
شددنا العناج وعقد الكرب |
وأخذه الحطيئة (١) فقال :
فدعوا نزال فكنت أول نازل |
|
وعلام أركبه إذا لم أنزل |
وكقول جرير :
لقد كنت فيها يا فرزدق تابعا |
|
وريش الذّنابى تابع للقوادم |
ومثله قوله عزوجل : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) إلى قوله : (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ. وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ). إلى قوله : (خاطِئِينَ) (٢).
وباب من البديع يسمى الاستطراد ، فمن ذلك ما كتب إلى الحسن بن عبد الله قال : أنشدني أبو بكر بن دريد قال : أنشدنا أبو حاتم عن أبي عبيدة ، لحسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه :
إن كنت كاذبة التي حدّثتني |
|
فنجوت منجى الحرث بن هشام |
ترك الأحبّة أن يقاتل دونهم |
|
ورمى برأس طمرّة ولجام |
وكقول السموأل :
وإنا لقوم لا نرى القتل سبّة |
|
إذا ما رأته عامر وسلول |
وكقول الآخر :
خليليّ من كعب أعينا أخاكما |
|
على دهره ، إن الكريم معين |
ولا تبخلا بخل ابن قزعة إنه |
|
مخافة أن يرجى تراه حزين |
وكقول الآخر :
فما ذرّ قرن الشّمس حتّى كأننا |
|
من العيّ نحكي أحمد بن هشام |
وكقول زهير :
إن البخيل ملوم حيث كان ول |
|
كنّ الجواد على علّاته هرم |
__________________
(١) الحطيئة هو : جرول بن أوس من بني عبس ، ومن فحول الشعراء ومقدميهم وفصحائهم ، متين الشعر ، وكان إذا نزل في مدينة أو نجع دب الخوف في أهله ، وأرصدوا له العطايا خوفا من لسانه. له ترجمة في : خزانة الأدب ١ / ٤٠٩ ، والجمهرة (١٥٣) ، والشعر والشعراء (١٨٠).
(٢) آية (٤ : ٨) سورة القصص.