قال : قال لي الأصمعي أتعرف التفاتات جرير؟ قلت : لا. فما هي؟ قال :
أتنسى إذ تودعنا سليمى |
|
بفرع بشامة سقي البشام |
ومثل ذلك لجرير (١) :
متى كان الخيام بذي طلوح |
|
سقيت الغيث أيتها الخيام |
ومعنى الالتفاتات أنه اعترض في الكلام قوله : (سقيت الغيث) ولو لم يعترض لم يكن ذلك التفاتا ، وكان الكلام منتظما ، وكان يقول : متى كان الخيام بذي طلوح أيتها الخيام ، متى خرج عن الكلام الأول ثم رجع إليه على وجه يلطف ، كان ذلك التفاتا.
ومثله قول النابغة (٢) الجعدي :
ألا زعمت بني سعد بأنى |
|
ألا كذبوا كبير السن فاني |
ومثله قول كثير (٣) :
لو أن الباذلين وأنت منهم |
|
رأوك تعلّموا منك المطالا |
ومثله قول أبي تمام :
وأنجدتم من بعد اتهام داركم |
|
فيا دمع أنجدني على ساكني نجد |
وكقول جرير :
طرب الحمام بذي الأراك فشاقني |
|
لا زلت في غلل وأيك ناضر |
التفت إلى الحمام فدعا لها.
ومثله قول حسان (٤) :
إن التي ناولتني فرددتها |
|
قتلت قتلت فهاتها لم تقتل |
ومنه قول عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر :
وأجمل إذا ما كنت لا بدّ مانعا |
|
وقد يمنع الشيء الفتى وهو مجمل |
وكقول ابن ميادة :
فلا صرمه يبدو وفي اليأس راحة |
|
ولا وصله يصفو لنا فنكارمه |
__________________
(١) سبقت ترجمته.
(٢) سبقت ترجمته.
(٣) كثير هو : ابن عبد الرحمن ، ويعرف بكثير عزة نسبة إلى حبيبته التي كان يشبب بها ، وكان شيعيا ، شديد التعصب لآل أبي طالب. مات سنة (١٠٥ ه). له ترجمة في : الأغاني ١١ / ٤٦ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٨١.
(٤) حسان هو : ابن ثابت ، عاصر الجاهلية والإسلام فهو من المخضرمين ، واشتهر في الجاهلية بمدح ملوك غسان وملوك الحيرة ، واختص بعد الإسلام بمدح النبي والدفاع عنه. مات سنة (٥٤ ه). له ترجمة في : خزانة الأدب ١ / ١١١ ، والشعر والشعراء (١٧٠).