رد عجز الكلام على صدره ، كقول الله عزوجل : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) (١) وكقوله : (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ ، وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) (٢) ومن هذا الباب قول القائل :
وإن لم يكن إلّا تعلّل ساعة |
|
قليلا فإني نافع لي قليلها |
وكقول جرير (٣) :
سقى الرّمل جون مستهل غمامه |
|
وما ذاك إلا حبّ من حلّ بالرمل |
وكقول الآخر :
يود الفتى طول السلامة والغنى |
|
فكيف يرى طول السّلامة يفعل |
وكقول أبي صخر (٤) الهذلي :
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها |
|
فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر |
وكقول الآخر :
أصد بأيدي العيس عن قصد أرضها |
|
وقلبي إليها بالمودّة قاصد |
وكقول عمرو بن معدي كرب :
إذا لم تستطع شيئا فدعه |
|
وجاوزه إلى ما تستطيع |
ومن البديع «صحة التقسيم» ، ومن ذلك قول نصيب :
فقال فريق القوم : لا وفريقهم |
|
نعم ، وفريق قال : ويحك ما ندري |
وليس في أقسام الجواب أكثر من هذا. وكقول الآخر :
فكأنما فيه نهار ساطع |
|
وكأنه ليل عليها مظلم |
وقول المقفع الكندي :
وإن يأكلوا لحمي وفرت لحومهم |
|
وإن يهدموا مجدي بنيت لهم مجدا |
وإن ضيّعوا غيبي حفظت غيوبهم |
|
وإن هم هووا غيّي هويت لهم رشدا |
وإن زجروا طيرا بنحس تمرّ بي |
|
زجرت لهم طيرا تمر بهم سعدا |
وكقول عروة بن حزام :
بمن لو رآه غائبا لفديته |
|
ومن لو رآني غائبا لفداني |
__________________
(١) آية (٢١) سورة الإسراء.
(٢) آية (٦١) سورة طه.
(٣) سبقت ترجمته.
(٤) أبو صخر الهذلي هو : عبد الله بن سلم ، كان متعصبا لآل مروان ، هجا ابن الزبير فحبسه حتى مات.
له ترجمة في : خزانة الأدب ١ / ٥٥٥ ، والأغاني ٢١ / ٩٤.