ينقص عنه ، وذلك يعد من البلاغة ، وذلك كقول زهير :
ومهما تكن عند امرئ من خليقة |
|
وإن خالها تخفى على الناس تعلم |
وكقول جرير (١) :
فلو شاء قومي كان حلمي فيهم |
|
وكان على جهّال أعدائهم جهلي |
وكقول الآخر :
إذا أنت لم تقصر عن الجهل والخنا |
|
أصبت حليما أو أصابك جاهل |
وكقول الهزلي :
فلا تجزعن من سنّة أنت سرتها |
|
وأوّل راض سنة من يسيرها |
وكقول الآخر :
فإن هم طاوعوك فطاوعيهم |
|
وإن عاصوك فاعصي من عصاك |
ونظير ذلك في القرآن كثير .. ومما يعدّونه من البديع «الإشارة» ؛ وهو اشتمال اللفظ القليل على المعاني الكثيرة. وقال بعضهم في وصف البلاغة : لمحة دالة. ومن ذلك قول طرفة (٢) :
فظل لنا يوم لذيذ بنعمة |
|
فقل في مقيل نحسه متغيّب |
وكقول زيد الخيل (٣) :
فخيبة من يخيب على غنيّ |
|
وباهلة بن أعصر والرّباب |
ونظيره من القرآن (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) (٤) ومواضع كثيرة.
ويعدون من البديع المبالغة والغلو ، والمبالغة تأكيد معاني القول وذلك كقول الشاعر :
ونكرم جارنا ما كان فينا |
|
ونتبعه الكرامة حيث مالا |
__________________
(١) جرير هو : ابن عطية بن الخطفي ، نشأ في البادية أيام معاوية ، وكان واسع الخيال ، قوي الشاعرية مع ميل إلى الهجاء. مات سنة (١١١ ه). له ترجمة في : وفيات الأعيان ١ / ١٠٢ ، والشعر والشعراء (٢٨٣). وخزانة الأدب ٣ / ٣٩٧.
(٢) سبقت ترجمته.
(٣) زيد الخيل هو : ابن مهلهل من طي ، وكان فارسا شجاعا بعيد الصيت في الجاهلية ، وأدرك الإسلام ووفد على النبي ، فسر به ولقبه ، وسماه زيد الخيل. له ترجمة في : الأغاني ١٦ / ٤٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ٤٨٨.
(٤) آية (٣١) سورة الرعد.