نظيره من المنثور : أن يزيد (١) بن الوليد : بلغه أن مروان بن محمد يتلكأ عن بيعته فكتب إليه : «أما بعد ، فإني أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى ، فاعتمد على أيتهما شئت» وكنحو ما كتب به الحجاج إلى المهلّب : «فإن أنت فعلت ذاك وإلا أشرعت إليك الرمح» ، فأجابه المهلّب : (فإن أشرع الأمير الرمح قلبت إليه ظهر المجنّ) وكقول زهير :
ومن يعص أطراف الزّجاج فإنه |
|
يطيع العوالى ركّبت كلّ لهذم |
وكقول امرئ القيس :
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي |
|
بسهميك في أعشار قلب مقتّل |
وكقول عمر (٢) بن معديكرب :
فلو أنّ قومي أنطقتني رماحهم |
|
نطقت ولكنّ الرماح أجرّت |
وكقول القائل :
بني عمّنا لا تذكروا الشعر بعد ما |
|
دفنتم بصحراء الغمير القوافيا |
وكقول الآخر :
أقول وقد شدوا لساني بنسعة |
|
أمعشر تيم أطلقوا عن لسانيا |
ومن هذا الباب في القرآن كقوله : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) (٣) وكقوله (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) (٤) قال الأصمعي (٥) : «أراد البدن». قال : وتقول العرب : «فدى لك ثوباي يريد نفسه».
وأنشد :
ألا أبلغ أبا حفص رسولا |
|
فدا لك من أخي ثقة إزاري |
ويرون من البديع أيضا ما يسمونه المطابقة ، وأكثرهم على أن معناها أن يذكر الشيء وضده ، كالليل والنهار ، والسواد والبياض ، وإليه ذهب الخليل (٦) بن أحمد والأصمعي ،
__________________
(١) له ترجمة في : تاريخ الخلفاء ص (٢٥٠).
(٢) عمرو بن معدي كرب ، أدرك الإسلام وأسلم ، وجاهد حتى مات في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. مات سنة (٦٤٣ م). له ترجمة في : الأغاني ١٤ / ٢٥ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٢٥.
(٣) آية (١٧٥) سورة البقرة.
(٤) آية (٤) سورة المدثر.
(٥) سبقت ترجمته.
(٦) الخليل بن أحمد أبو عبيد الرحمن البصري الفراهيدي الأزدي ، كان من تلامذة أبي عمرو العلاء ، وعنه أخذ سيبويه ، وهو أول من استخرج علم العروض. مات سنة (١٨٠ ه). له ترجمة في : وفيات الأعيان ١ / ١٧٢ ، وتاريخ ابن خلدون ١ / ٤٨٢.