ومن الاستعارة في القرآن كثير كقوله : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) (١) يريد ما يكون الذكر عنه شرفا. وقوله : (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (٢) قيل دين الله أراد وقوله : (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) (٣) ومن البديع عندهم الغلو كقول النمر بن تولب :
أبقى الحوادث والأيام من نمر |
|
إسناد سيف قديم أثره بادي |
تظل تحفر عنه إن ضربت به |
|
بعد الذراعين والقدين والهادي |
وكقول النابغة (٤) :
تقدّ السّلوقيّ المضاعف نسجه |
|
ويوقدن بالصّفاح نار الحباحب |
وكقول عنترة (٥) :
فازورّ من وقع القنا بلبانه |
|
وشكا إليّ بعبرة وتحمحم |
وكقول أبي تمام (٦) :
لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه |
|
لخرّ يلثم منه موطئ القدم |
وكقول البحتري (٧) :
ولو أن مشتاقا تكلف فوق ما |
|
في وسعه لمشى إليك المنبر |
ومن هذا الجنس في القرآن : (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) (٨) وقوله : (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً) (٩) وقوله : (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) (١٠).
ومما يعدونه من البديع المماثلة وهو ضرب من الاستعارة ، وذلك أن يقصد الإشارة إلى معنى فيضع ألفاظا تدل عليه. وذلك المعنى بألفاظه مثال للمعنى الذي قصد الإشارة إليه
__________________
(١) آية (٤٤) سورة الزخرف.
(٢) آية (٨٨) سورة البقرة.
(٣) آية (١٦) سورة البقرة.
(٤) سبقت ترجمته.
(٥) عنترة هو : ابن شداد من قبيلة عبس ، وهو من الشعراء الفرسان الشجعان ، وعشق فهاجت شاعريته ، واتسع خياله. مات سنة (٦١٥ م). له ترجمة في : الأغاني ٧ / ١٤٨ ، وخزانة الأدب ١ / ٦٢.
(٦) سبقت ترجمته.
(٧) سبقت ترجمته.
(٨) آية (٣٠) سورة ق.
(٩) آية (١٢) سورة الفرقان.
(١٠) آية (٨) سورة الملك.