ومن المتأخرين ؛ عبد الله بن المعتز. وذكر ابن المعتز من نظائره من المنثور ، ما قاله بعضهم : «أتيناك لتسلك بنا سبيل التوسع ، فأدخلتنا في ضيق الضمان» ونظيره من القرآن : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (١) وقوله : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) (٢) وقوله : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) (٣) ومثله كثير جدا.
وكقول النبي صلىاللهعليهوسلم للأنصار : «إنكم تكثرون عند الفزع ، وتقلون عند الطمع» وقال آخرون : بل المطابقة أن يشترك معنيان بلفظة واحدة ، وإليه ذهب قدامة بن جعفر الكاتب ، فمن ذلك قول الأفوه (٤) الأودي :
وأقطع الهواجل مستأنسا |
|
بهوجل مستأنس عنتريس |
عنى بالهوجل الأول الأرض وبالثاني الناقة. ومثله قول زياد (٥) الأعجم :
ونبّئتهم يستنصرون بكاهل |
|
وللّؤم فيهم كاهل وسنام |
ومثله قول أبي داود :
عهدت لها منزلا دائرا |
|
وآلا على الماء يحملن آلا |
فالآل الأول : أعمدة الخيام تنصب على البئر للسقي ، والآل الثاني : السراب. وليس عنده قول من قال المطابقة ، إنما تكون باجتماع الشيء وضده بشيء. ومن المعنى الأول قول الشاعر :
أهين لهم نفسي لأكرمها بهم |
|
ولن تكرم النّفس التي لا تهينها |
ومثله قول امرئ القيس :
وتردي على صمّ صلاب ملاطس |
|
شديدات عقد ليّنات متان |
وكقول النابغة :
ولا يحسبون الخير لا شرّ بعده |
|
ولا يحسبون الشرّ ضربة لازب |
__________________
(١) آية (١٧٩) سورة البقرة.
(٢) آية (١٩) سورة الروم.
(٣) آية (٦١) سورة الحج.
(٤) الأفوه الأودي هو : صلاءة بن عمرو من أود وينتهي نسبه إلى مذحج من قبائل اليمن ، وكان سيد قومه وقائدهم ، وكانوا يصدرون عن رأيه ، والعرب تعده من حكمائها. مات سنة (٥٧٠ م). له ترجمة في : الأغاني ١١ / ٤٤ ، والشعر والشعراء (١١٠).
(٥) زياد الأعجم ، كان ينزل اصطخر ، فغلبت العجمة على لسانه ، فسمي الأعجم ، وكان شاعرا جزل الشعر ، فصيح الألفاظ. مات سنة (١٠٠ ه). له ترجمة في : خزانة الأدب ٤ / ١٩٣ ، وفوات الوفيات ١ / ١٦٤.