فلم يأت بالمعنى ولا اللفظ على ما سبق إليه النابغة ، ثم أخذه الأخطل (١) فقال :
وإن أمير المؤمنين وفعله |
|
لكالدهر لا عار بما فعل الدهر |
وقد روي نحو هذا عن النبي صلىاللهعليهوسلم : (نصرت بالرعب ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وليدخلن هذا الدين على ما دخل عليه الليل) (٢). وأخذه علي بن ... فقال :
وما لامرئ حاولته عنك مهرب |
|
ولو كان في جوف السماء المطالع |
بل هارب لا يهتدي لمكانه |
|
ظلام ولا ضوء من الصبح طالع |
ومثله قول سلم الخاسر (٣) :
فأنت كالدهر مبثوثا حبائله |
|
والدهر لا ملجأ منه ولا هرب |
ولو ملكت عنان الريح أصرفه |
|
في كل ناحية ما فاتك الطلب |
فأخذه البحتري (٤) فقال :
ولو أنهم ركبوا الكواكب لم يكن |
|
ينجيهم من خوف بأسك مهرب |
ومن بديع الاستعارة قول زهير (٥) :
فلما وردن الماء زرقا حمامه |
|
وضعن عصى الحاضر المتخيم |
وقول الأعشى :
وإن عناق العيس سوف يزوركم |
|
ثناء على إعجازهن معلق |
ومنه أخذ نصيب فقال :
فعاجوا فاثنوا بالذي أنت أهله |
|
ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب |
ومن ذلك قول تأبط شرا (٦) :
فخالط سهل الأرض لم يكدح الصفا |
|
به كدحة والموت خزيان ينظر |
__________________
(١) الأخطل هو : غياث بن غوث بن الصلت ، والأخطل لقب له. ظهرت الشاعرية في الأخطل منذ حداثته وكان يشرب الخمر ، ولا يجيد النظم إلّا إذا شرب. مات سنة (٩٥). له ترجمة في : الأغاني ٧ / ١٦٩ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٢٠.
(٢) البخاري ٤ / ٤٩ ، وأحمد ٢ / ٥٠ و ٩٢ ، وابن أبي شيبة ٥ / ٣١٣ و ٣٢٢.
(٣) سلم الخاسر هو : سلم بن عمرو ، أحد موالي أبي بكر الصديق ، نشأ بالبصرة ، وكان شاعرا مطبوعا متصرفا في فنون الشعر ، وكان متظاهرا بالخلاعة والفسوق والمجون. مات سنة (١٨٦). له ترجمة في : الأغاني ٢١ / ١١٠ ، ووفيات الأعيان ١ / ١٩٨ ، وتاريخ بغداد ٩ / ١٣٦.
(٤) سبقت ترجمته.
(٥) سبقت ترجمته.
(٦) تقدمت ترجمته.