تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١) هو النهاية في الوعيد والتهديد.
وقوله : (وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) (٢) نهاية في الوعيد. وقوله : (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) (٣) نهاية في الترغيب.
وقوله : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (٤) وكذلك قوله : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (٥) نهاية في الحجاج ، وقوله : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ، أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (٦) نهاية في الدلالة على علمه بالخفيات.
ولا وجه للتطويل ، فإن بيان الجميع في الرفعة وكبر المنزلة على سواء. وقد ذكرنا من قبل : أن البيان يصح أن يتعلق به الإعجاز ، وهو معجز من القرآن.
وما حكينا عن صاحب الكلام من المبالغة في اللفظ. فليس ذلك بطريق الإعجاز ، لأن الوجوه التي ذكرها قد تتفق في كلام غيره ، وليس ذلك بمعجز. بل قد يصح أن يقع في المبالغة في المعنى والصفة ، وجوه من اللفظ يثمر الإعجاز.
و «تضمين المعاني» أيضا ، قد يتعلق به الإعجاز إذا حصلت للعبارة طريق البلاغة في أعلى درجاتها.
وأما «الفواصل» فقد بيّنا أنه يصح أن يتعلق بها الإعجاز ، وكذلك قد بيّنا في المقاطع والمطالع نحو هذا. وبيّنا في تلاؤم الكلام ما سبق من صحة تعلق الإعجاز به.
والتصرّف في «الاستعارة» البديعة يصح أن يتعلق به الإعجاز ، كما يصح مثل ذلك في حقائق الكلام ، لأن البلاغة في كل واحد من البابين تجري مجرى واحدا ، وتأخذ مأخذا مفردا.
وأما «الإيجاز والبسط» فيصح أن يتعلق بهما الإعجاز كما يتعلق بالحقائق. و «الاستعارة» و «البيان» في كل واحد منهما ما لا يضبط حدّه ، ولا يقدّر قدره ، ولا يمكن
__________________
(١) آية (٤٠) سورة فصلت.
(٢) آية (٤٤ ، ٤٥) سورة الشورى.
(٣) آية (٧١) سورة الزخرف.
(٤) آية (٩١) سورة المؤمنون.
(٥) آية (٢١) سورة الأنبياء.
(٦) آية (١٣ ، ١٤) سورة الملك.