وما راح يطغيني بأثوابه الغنى |
|
ولا بات يثنيني عن الكرم الفقر |
وما حاجتي في المال أبغي وفوره |
|
إذا لم أفر وفري فلا وفر الوفر |
والشيء إذا صدر من أهله ، وبدا من أصله ، وانتسب إلى ذويه سلم في نفسه ، وبانت فخامته ، وشواهد أثر الاستحقاق فيه.
وإذا صدر من مكلف وبدا من متصنع بان أثر الغرابة عليه ، وظهرت مخايل الاستنحاس فيه ، وعرف شمائل التخير منه.
إنا نعرف في شعر أبي نواس أثر الشطارة ، وتمكن البطالة ، وموقع كلامه في وصف ما هو بسبيله من أمر العبارة ، ووصف الخمر والخمار. كما نعرف موقع كلام ذي الرّمّة في وصف المهامة والبوادي ، والجمال والاتساع والأزمّة.
وعيب أبي نواس التصرف في وصف الطلول والرّباع والوحش. ففكر في قوله :
ودع الأطلال تسقيها الجنوب |
|
وتبلي عهد جدّتها الخطوب |
وخلّ لراكب الوجناء أرضا |
|
تخبّ به النّجيبة والنجيب |
بلاد نبتها عشر وطلح |
|
وأكثر صيدها ضبع وذيب |
ولا تأخذ عن الأعراف لهوا |
|
ولا عيشا ، فعيشهم جديب |
دع الألبان يشربها رجال |
|
رقيق العيش عندهم غريب |
إذا راب الحليب فبل عليه |
|
ولا تحرج فما في ذاك حوب |
فأطيب منه صافية شمول |
|
يطوف بكأسها ساق أديب |
كأنّ هديرها في الدّنّ يحكي |
|
قراءة القس قابله الصّليب |
أعاذل أقصري عن طول لومي |
|
فراجى توبتي عندي يخيب |
تعيبين الذنوب وأي حرّ |
|
من الفتيان ليس له ذنوب؟! |
وقوله :
صفة الطلول بلاغة القدم |
|
فاجعل صفاتك لابنة الكرم |
وسمعت الصاحب إسماعيل بن عباد يقول : سمعت براكويه الزنجاني يقول : أنشد بعض الشعراء هلال بن يزيد قصيدة على وزن قصيدة الأعشى (١) :
ودّع هريرة إن الركب مرتحل |
|
وهل تطيق وداعا أيها الرجل ..؟ |
__________________
(١) سبقت ترجمته.