من الواقع في القلب لما يعلم أنه من أهل الشجاعة ما لا تجده للبحتري (١) في قوله :
وأنا الشجاع وقد بدا لك موقفي |
|
بعقرقس والمشرفية مشهدي |
وتجد لابن المعتز (٢) في موقع شعره من القلب في الفخر وغيره ما لا تجده لغيره لأنه إذا قال :
إذا شئت أوقرت البلاد حوافرا |
|
وسارت ورائي هاشم ونزار |
وعمّ سماء النّقع حتى كأنه |
|
دخان وأطراف الرماح شرار |
وقال :
قد تردّيت بالمكارم دهرا |
|
وكفتني نفسي من الافتخار |
أنا جيش إذا غزوت وحيدا |
|
ووحيد في الجحفل الجرّار |
وقال :
أيها السائلي عن الحسب الأط |
|
يب ما فوقه لخلق مزيد |
نحن آل الرسول والعترة الح |
|
ق وأهل القربى فما ذا تريد ..؟ |
ولنا ما أضاء صبح عليه |
|
وأتته رايات ليل سود |
وكما أنشدني الحسن بن عبد الله قال : أنشدنا محمد بن يحيى لابن المعتز قصيدته التي يقول فيها :
أنا ابن الذي سادهم في الحيا |
|
ة وسادهم بي تحت الثّرى |
وما لي في أحد مرغب |
|
بلى فيّ يرغب كلّ الورى |
واسهر للمجد والمكرمات |
|
إذا اكتحلت أعين بالكرى |
فانظر في القصيدة كلّها ، ثم في جميع شعره ، تعلم أنه ملك الشعر ، وأنه يليق به من الفخر خاصة. ثم مما يتبعه مما يتعاطاه مما لا يليق بغيره. بل ينفر عن سواه. ولم أحب أن أكثر عليك فأطول الكتاب بما يخرج عن غرضه. وكما ترى من قول أبي فراس الحمداني في نفسك إذا قال :
ولا أصبح الحيّ الخلوف بغارة |
|
ولا الجيش ما لم يأته قبلي النّذر |
ويا رب دار لم تخفني منيعة |
|
طلعت عليها بالرديء أنا والفجر |
وساحبة الأذيال نحوي لقيتها |
|
فلم يلقها جافي اللقاء ولا وعر |
وهبت لها ما حازه الجيش كله |
|
وأبت ولم يكشف لأبياتها ستر |
__________________
(١) سبقت ترجمته.
(٢) سبقت ترجمته.