يقول : «قمر يشد على الرجال بكوكب» فجعل ذلك الكوكب السماك واحتاج إلى أن يجعله أعزل للقافية.
ولو لم يحتج إلى ذلك كان خيرا له ؛ لأن هذه الصفة في هذا الموضع تفضه من الموضع. وموضع التكلف الذي ادعيناه الحشو الذي ذكره من قوله : «إذا استضوى به الزحفان». وكان يكفي أن يقول كان صاحبه يعصي بالسماك ، وهذا وإن كان قد تعمل فيه للفظ ، فهو لغو على ما بينا.
وأما البيت الثاني. ففيه لغو من جهة قوله : حمائله قديمة ، ولا فضيلة له في ذلك. ثم تشبيه السيف بالبقلة من تشبيهات العامة ، والكلام الرّذل النّذل ؛ لأن العامة قد يتفق منها تشبيه واقع حسن.
ثم انظر إلى هذا المقطع الذي هو بالعيّ أشبه منه بالفصاحة ، وإلى اللكنة أقرب منه إلى البراعة. وقد بينا أن مراعاة الفواتح ، والخواتم ، والمطالع ، والمقاطع ، والفصل ، والوصل بعد صحة الكلام ، ووجود الفصاحة فيه ، مما لا بد منه. وأن الإخلال بذلك يخل بالنظم ، ويذهب رونقه ، ويحيل بهجته ، ويأخذ ماءه وبهاءه.
وقد اطلعت عليك فيما نقلت ، وتكلفت ما سطرت ، لأن هذا القبيل ، قبيل موضوع متعمل مصنوع. وأصل الباب في الشعر على أن ينظر إلى جملة القصة ، ثم يتأمل الألفاظ ولا ينظر بعد ذلك إلى مواقعها ولا يتأمل مطارحها ، وقد يقصد تارة إلى تحقيق الأغراض وتصوير المعاني التي في النفوس. ولكنه يلحق بأصل بابه ، ويميل بك إلى موضعه ، ويحسب الاهتمام بالصنعة يقع فيها التفاضل.
وإن أردت أن تعرف أوصاف الفرس فقد ذكرت لك أن الشعراء قد تصرفوا في ذلك بما يقع إليك إن كنت من أهل الصنعة ، مما يطول على نقله ، وكذلك في السيف. وذكر لي بعض أهل الأدب أن أحسن قطعة في السيف قول أبي الهول الحميري :
حاز صمصامة الزّبيدي من بي |
|
ن جميع الأنام موسى الأمين |
سيف عمرو وكان فيما سمعنا |
|
خير ما أطبقت عليه الجفون |
أخضر اللّون بين برديه حدّ |
|
من ذعاف تميس فيه المنون |
أوقدت فوقه الصواعق نارا |
|
ثمّ شابت له الذّعاف القيون |
فإذا ما شهرته بهر الشّم |
|
س ضياء فلم تكد تستبين |
يستطير الأبصار كالقبس المش |
|
عل لا تستقيم فيه العيون |
وكأنّ الفرند والرّونق الجا |
|
ري في صحفتيه ماء معين |