وأما «القضاء
المقفل» وفتحه ، فكلام غير محمود ولا مرضي! واستعارة لو لم يستعرها كانت أولى به!
وهلّا عيب عليه كما عيب على أبي تمام قوله :
فضربت في أخدعيه
|
|
ضربة غادرته
عودا ركوبا
|
وقالوا : يستحق
بهذه الاستعارة أن يصفع في أخدعيه! وقد اتبعه البحتري في استعارة الأخدع ولوعا
باتباعه ، فقال في الفتح :
وإني وقد بلغتني
الشرف العلى
|
|
وأعتقت من ذلّ
المطامع أخدعي
|
إن شيطانه ، حيث
زين له هذه الكلمة ، تابعه حين حسن عنده هذه اللفظة ، لخبيث مارد ورديء معاند ،
أراد أن يطلق أعنة الذم فيه ، ويسرّح جيوش العتب إليه. ولم يقع بقفل القضاء ، حتى
جعل للحتف ظلمة تجلى بالسيف ، وجعل السيف هاديا في النفس المجهل الذي لا يهتدي
إليه! وليس في هذا مع تحسين اللفظ وتنميقه شيء. لأن السلاح وإن كان معيبا فإنه
يهتدي إلى النفس. وكان يجب أن يبدع في هذا إبداع المتنبي في قوله :
كأنّ إلهام في
الهيجا عيون
|
|
وقد طبعت سيوفك
من رقاد
|
وقد صغت الأسنة
من هموم
|
|
فما يخطرن إلا
في فؤاد
|
فالاهتداء على هذا
الوجه في التشبيه بديع حسن ، وفي البيت الأول شيء آخر ، وذلك أن قوله : «ويفتح في
القضاء» في هذا الموضع حشو رديء يلحق بصاحبه اللكنة ، ويلزمه الهجنة.
أما البيت الثالث
: فإنه أصلح هذه الأبيات. وإن كان ذكر الفارس حشوا وتكلفا ولغوا. لأن هذا لا يتغير
بالفارس والراجل. على أنه ليس فيه بديع ، وأما قوله :
يغشى الوغى
والتّرس بجنة
|
|
من حدّه والدّرع
ليس بمعقل
|
مصغ إلى حكم
الردى فإذا مضى
|
|
لم يلتفت ، وإذا
قضى لم يعدل
|
متوقد يبري
بأوّل ضربة
|
|
ما أدركت ، ولو
أنها في يذبل
|
البيتان الأولان
من الجنس الذي يكثر كلامه عليه ، وهي طريقه الذي يجتنبها ، وذلك من السبك الكتابي
، والكلام المعتدل. إلا أنه لم يبدع فيها بشيء ، وقد زيد عليه فيها ومن قصد إلى أن
يكمل عشرة أبيات في وصف السيف فليس من حكمه أن يأتي بأشياء منقولة ، وأمور مذكورة.
وسبيله أن يغرب ويبدع كما أبدع المتنبي في قوله :
سلّه والركض بعد
وهن بنجد
|
|
فتصدّى للغيث
أهل الحجاز
|