عذل المشوق وإن من سيما الهوى |
|
في حيث يجهله لجاج العذّل |
قوله في البيت الأول : عندك حشو. وليس بواقع ولا بديع ، وفيه كلفة. والمعنى الذي قصده أنت تعلم أنه متكرر على لسان الشعراء.
وفيه شيء آخر لأنه يذكر أن حسنا لم يحسن في تهييج وجده ، وتهييم قلبه. وضد هذا المعنى هو الذي يميل إليه أهل الهوى والحب. وبيت كشاجم أسلم من هذا وأبعد من الخلل وهو قوله :
بحياة حسنك أحسنى ، وبحق من |
|
جعل الجمال عليك وقفا أجملي |
وأما البيت الثاني فإن قوله : في حيث حشا بقوله : في ، ووقع ذلك مستنكرا وحشيا نافرا عن طبعه ، جافيا في وضعه ، فهو كرقعة من جلد في ديباج حسن. فهو يمحو حسنه ، ويأتي على جماله.
ثم في المعنى شيء ، لأن لجاج العذل لا يدل على هوى مجهول ولو كان مجهولا لم يهتد. والعذل عليه ، فعلم أن المقصد استجلاب العبارات دون المعاني. ثم لو سلم من هذا الخلل ، لم يكن في البيت معنى بديع ولا شيء يفوت قول الشعراء في العذل ، فإن ذلك جملهم الذلول ، وقولهم المكرر ، وأما قوله :
ما ذا عليك من انتظار متيّم؟ |
|
بل ما يضرّك وقفة في منزل؟ |
إن سيل عيّ عن الجواب فلم يطق |
|
رجعا فكيف يكون إن لم يسأل؟ |
لست أنكر حسن البيتين وظرفهما ، ورشاقتهما ولطفهما وماءهما وبهجتهما ، إلا أن البيت الأول منقطع عن الكلام المتقدم ضربا من الانقطاع ، لأنه لم يجر لمشافهة العاذل ذكر ، وإنما جرى ذكر العذّال على وجه لا يتصل هذا البيت به ولا يلائمه.
ثم الذي ذكره من الانتظار وإن كان مليحا في اللفظ فهو في المعنى متكلف ، لأن الواقف في الدار لا ينتظر أمرا ، وإنما يقف تحسرا وتذللا وتحيرا.
والشطر الأخير من البيت واقع ، والأول مستجلب ، وفيه تعليق على أمر لم يجر له ذكر. لأن وضع البيت يقتضي تقدم عذل على الوقوف ، ولم يحصل ذلك مذكورا في شعره من قبل.
وأما البيت الثاني : فإنه معلق بالأول لا يستقل إلا به. وهم يعيبون وقوف البيت على غيره ، ويرون أن البيت التام هو المحمود ، والمصراع التام بنفسه بحيث لا يقف على المصراع الآخر أفضل وأتم وأحسن.