وقوله : «بغصني دوحة» تعسّف ، ولم يكن من سبيله أن يجعلهما اثنين.
والمصراع الثاني أصح ، وليس فيه شيء إلا ما يتكرر على ألسنة الناس من هاتين الصفتين. وأنت تجد ذلك في وصف كل شاعر ، ولكنه مع تكرره على الألسن صالح.
وأما معنى قوله : مهفهفة أنها مخففة ليست مثقلة ، والمفاضة التي اضطرب طولها ، والبيت مع مخالفته في الطبع الأبيات المتقدمة ونزوعه فيه إلى الألفاظ المستكرهة ، وما فيه من الخلل من تخصيص الترائب بالضوء بعد ذكر جميعها بالبياض ، فليس بطائل ؛ ولكنه قريب متوسط ، وقوله :
تصدّ وتبدي عن أسيل وتتّقي |
|
بناظرة من وحش وجرة مطفل |
وجيد كجيد الرّيم ليس بفاحش |
|
إذا هي نضته ولا بمعطّل |
معنى قوله : عن أسيل ، أي بأسيل ، وإنما يريد خدا ليس بكرا.
وقوله : تتقي يقال اتقاه بترسه أي جعله بينه وبينه ، وقوله : تصد وتبدي عن أسيل متفاوت لأن الكشف عن الوجه مع الوصل دون الصد.
وقوله : تتقي بناظرة ، لفظة مليحة ، ولكن أضافها إلى ما نظم به كلامه وهو مختل ، وهو قوله : من وحش وجرة ، وكان يجب أن تكون العبارة بخلاف هذا. كان من سبيله أن يضيف إلى عيون الظبا أو المها دون إطلاق الوحش ، ففيهن ما تستنكر عيونها.
وقوله : «مطفل» فسروه على أنها ليست بصبية وأنها قد استحكمت ، وهذا اعتذار متعسف. وقوله مطفل زيادة لا فائدة فيها على هذا التفسير الذي ذكره الأصمعي. ولكن قد يحتمل عندي أن يفيد غير هذه الفائدة. فيقال : إنها إذا كانت مطفلا لحظت أطفالها بعين رقة ، ففي نظر هذه رقة نظر المودة ، ويقع الكلام معلقا تعليقا متوسطا.
وأما البيت الثاني فمعنى قوله : ليس بفاحش ، أي ليس بفاحش الطول ، ومعنى قوله : نضته ، رفعته ، ومعنى قوله : ليس بفاحش في مدح الأعناق ، كلام فاحش موضوع منه. وإذا نظرت في أشعار العرب رأيت في وصف الأعناق ما يشبه السحر. فكيف وقع على هذه الكلمة ودفع إلى هذه اللفظة ..؟ وهلا قال كقول أبي نواس؟
مثل الظباء سمت إلى |
|
روض صوادر عن غدير |
ولست أطول عليك ، فتستثقل ، ولا أكثر القول في ذمه ، فتستوحش. وأكلك الآن إلى جملة من القول ، فإن كنت من أهل الصنعة ، فطنت واكتفيت وعرفت ما رمينا إليه واستغنيت.