قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير التّستري

تفسير التّستري

تفسير التّستري

تحمیل

تفسير التّستري

83/239
*

فقال : كيف يكون وجد فراق الحق عزوجل. وقد عمل بمفارقة مخلوق كل هذا ، فشكى بثه وحزنه إلى الله تعالى لا إلى غيره.

قوله تعالى : (قالَ كَبِيرُهُمْ) [٨٠] أي في العقل لا في السن.

قوله تعالى : (لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) [٨٧] قال سهل : أفضل الخدمة وأعلاها انتظار الفرج من الله تعالى ، كما حكي عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «انتظار الفرج بالصبر عبادة» (١) وانتظار الفرج على وجهين : أحدهما قريب ، والآخر بعيد ؛ فالقريب في السر فيما بين العبد وربه ، والبعيد في الخلق ؛ فينظر إلى البعيد فيحجب عن القريب.

قوله تعالى : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [١٠١] قال سهل : فيه ثلاثة أشياء ، سؤال ضرورة وإظهار فقر واختيار فرض ، ومعناه : أمتني وأنا مسلم إليك أمري ، مفوض إليك شأني ، لا يكون لي إلى نفسي رجوع بحال ولا تدبير بسبب من الأسباب.

قوله تعالى : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) [١٠٦] قال : يعني شرك النفس الأمارة بالسوء كما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا» (٢) ، هذا باطن الآية ، وأما ظاهرها مشركو العرب يؤمنون بالله ، كما قال : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزخرف : ٨٧] وهم مع ذلك مشركون يؤمنون ببعض الرسل ولا يؤمنون ببعضهم.

قوله تعالى : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ) [١٠٨] أي أبلغ الرسالة ولا أملك الهداية ، وإنما الهداية إليك. وقد سئل سهل عن قوله عليه‌السلام : «ولا ينفع ذا الجد منك الجد» (٣) ، فقال : أي من جد في الطلب ، وكان منك المنع ، لم ينفعه جده في الطلب. وقال : إن الخلق لم يكشف لهم سر ، ولو كشف لهم لأبصروا ، ولم يشاهدوا وإن شاهدوا تم الأمر ، وهذا شيء عظيم. ثم قال : أهل لا إله إلا الله كثير ، والمخلصون منهم قليل ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

__________________

(١) شعب الإيمان ٧ / ٢٠٤ ؛ ومسند الشهاب ١ / ٦٢ ؛ وفيض القدير ٣ / ٥٢ ، وفيه الشرح الآتي : (أي إذا حل بعبد بلاء ، فترك الجزع والهلع ، وصبر على مر القضاء ، فذلك منه عبادة يثاب عليها ، لما فيه من الانقياد للقضاء).

(٢) المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣١٩ ؛ ونوادر الأصول ٤ / ١٤٧ ؛ والترغيب والترهيب ٤ / ١٦ ، وسيعاد في تفسير سورة : المنافقون.

(٣) صحيح البخاري : صفة الصلاة رقم ٨٠٨ ؛ وصحيح مسلم : المساجد ومواضع الصلاة رقم ٥٩٣.