السورة التي يذكر فيها الفتح
قوله تعالى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) [١] قال : يعني أسرار العلوم في قلبك حتى ظهر عليك آثارها ، وهي من أعلام المحبة وتمام النعمة. (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) [٢] قال : أي ما تقدم من ذنب أبيك آدم صلوات الله عليه وأنت في صلبه ، وما تأخر من ذنوب أمتك ، إذ كنت قائدهم ودليلهم.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) [٤] يعني الطمأنينة. فأول ما كاشف الله به عباده المعارف ، ثم الوسائل ، ثم السكينة ، ثم البصائر. فمن كاشفه الحق بالبصائر عرف الأشياء بما فيها من الجواهر ، كأبي بكر الصديق رضي الله عنه ما أخطأ في نطق.
قوله : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [٤] قال : جنوده مختلفة ، فجنوده في السماء الأنبياء ، وفي الأرض الأولياء ؛ وجنوده في السماء القلوب ، وفي الأرض النفوس ؛ ما سلط الله عليك فهو من جنوده ؛ وإن سلط الله عليك نفسك أهلك نفسك بنفسك ، وإن سلط عليك جوارحك أهلك جوارحك بجوارحك ، وإن سلط نفسك على قلبك قادتك إلى متابعة الهوى ، وإن سلط قلبك على نفسك وجوارحك زمها بالأدب ، وألزمها العبادة ، وزينها بالإخلاص في العبودية ، فهذا كله جنود الله.
قوله : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) [٨] قال : شاهدا عليهم بالتوحيد ، ومبشرا لهم بالمعونة والتأييد ، ومحذرا عن البدع والضلالات.
قوله : (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) [٩] قال : أي تعظموه غاية التعظيم في قلوبكم ، وتطيعوه بأبدانكم ؛ ولهذا سمى التعزير تعزيرا لأنه أكبر التأديب.
قوله : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [١٠] قال : أي حول الله وقوته فوق قوتهم وحركتهم ، وهو قولهم للرسول صلىاللهعليهوسلم عند البيعة : «بايعناك على أن لا نفر ونقاتل لك». وفيها وجه آخر : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [١٠] أي منة الله عليهم في الهداية لبيعتهم وثوابه لهم فوق بيعتهم وطاعتهم لك.